فلما ذا يكذب الرجل في نقله؟ أو أنَّه كتب قبل أن يراجع ، رجماً بالغيب ، فحيّا الله الأمانة والتنقيب!
ولعلّه قرع سمعه عن بعض الفرق الضالّة ، وهم الخطّابيّة ـ أصحاب أبي الخطّاب ـ إلزاماً بذلك ، لكن أين هم من الشيعة؟ والشيعة على بكرة أبيها تكفّر هؤلاء وتضلّلهم ، وأحاديث أئمّتهم كسحت معرّة (١) عيث هؤلاء ، فمن الإفك الشائن عزو هاتيك الشبه إلى الشيعة ، وهم وأئمّتهم عنها برآء.
٤ ـ قال : اليهود لا ترى الطلاق الثلاث شيئاً ، وكذا الرافضة.
الجواب : الشيعة لا ترى ملتحداً عن البخوع للقرآن الكريم ، وفي أعلى هتافه : (الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ) إلى قوله تعالى : (فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ) (٢) إلخ.
ومن جليّة الحقائق أنّ تحقّق المرّتين أو الثلاث يستدعي تكرّر وقوع الطلاق ، كما يستدعي تخلّل الرجعة بينهما أو النكاح ، فلا يقال للمطلّقة مرّتين بكلمة واحدة أو في مجلس واحد إنّها طُلّقت مراراً ، كما إذا كان زيد أعطى درهمين لعمرو بعطاء واحد ، لا يقال إنّه أعطى درهمين مرّتين ، وهذا معنىً يعرفه كلّ عربيّ صميم.
ثمّ إنّ سياق الآية وإن كان خبريّا ، غير أنَّه متضمّنٌ معنى الإنشاء الأمريّ ، كقوله تعالى : (وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ) وقوله تعالى : (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) (٣) وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «الصلاة مثنى مثنى ، والتشهّد في كلّ ركعتين ، وتسكّن وخشوع» ولو كان إخباراً لما تخلّف عنه خارجه ، ونحن نرى أنّ في الناس من يطلّق طلقة واحدة ، والقرآن لا يتسرّب إليه شيءٌ من الكذب.
__________________
(١) المعرّة : الإثم.
(٢) البقرة : ٢٢٩ ، ٢٣٠.
(٣) البقرة : ٢٣٣ ، ٢٢٨.