فعدم الاعتداد بطلاق الثلاث على نحو الجمع عند الشيعة مأخوذٌ من القرآن الكريم ، ولهذه الجملة مزيد توضيح في أحكام القرآن لأبي بكر الجصّاص الحنفي (١) (١ / ٤٤٧) ، وهذه الفتوى هي المنقولة عن كثير من أئمّة أهل السنّة والجماعة ، بل المخالف الوحيد في المسألة هو الشافعيّ ، وقد بسط القول في الردّ عليه أبو بكر الجصّاص في أحكام القرآن (٢) (٤ / ٤٤٩).
وقال الإمام العراقيّ في طرح التثريب (٧ / ٩٣) : وممّن ذهب إلى أنّ جمع الطلقات الثلاث بدعةٌ : مالك ، والأوزاعي ، وأبو حنيفة ، والليث ، وبه قال داود وأكثر أهل الظاهر.
وقال أبو بكر الجصّاص في أحكام القرآن (٣) (٤ / ٤٥٩) : كان الحجّاج بن أرطاة يقول : الطلاق الثلاث ليس بشيء. ومحمد بن إسحاق كان يقول : الطلاق الثلاث تُردُّ إلى الواحدة.
هذا ما نعرفه من الشيعة ، فإن كان هذا شبهاً بينهم وبين اليهود فهم وأولئك الأئمّة في ذلك شرعٌ سواء ، لكنَّ الأندلسي يحترم جانب أصحابه ، فشبّه الشيعة باليهود ، فهو إمّا جاهلٌ بفقه قومه ـ فضلاً عن فقه الشيعة ـ ولم يعرف شيئا ممّا عندهم في المسألة ، أو يعلم ويتعمّد الكذب ، أو يريد معنىً غير ما ذكر ، ونحن لا نعرفه ولا نعرف قائلاً به من الشيعة.
وما تقرأ أو تسمع في المسألة غير ما يقوله الشيعة ، فهو من البدع الحادثة بعد النبيّ الأعظم ، لم يأت به الكتاب والسنّة ، بل أحدثته أهواءٌ مضلّةٌ ، وحبّذته أناسٌ ، وجاؤوا به من عند أنفسهم ، وأمضاه عليهم عمر بن الخطاب ، وهذا صريح ما أخرجه
__________________
(١) أحكام القرآن : ١ / ٣٧٨.
(٢) أحكام القرآن : ١ / ٣٨٠.
(٣) أحكام القرآن : ١ / ٣٨٨.