أنت إن لم يكن لنا |
|
شافعٌ خيرُ شافعِ |
فَأُجيبوا إجابةً |
|
لم تقع في المسامِعِ |
ليس ما تصنعونَهُ |
|
أوليائي بضائعِ |
ابذلوا لي نفوسَكم |
|
إنّها في ودائعِ |
وله من طراز هذا الشعر الخاشع كثيرٌ لا تسمعه من ابن الفارض ولا محيي الدين.
قال الأميني : ليس ما ارتآه ابن الرومي في باب الاختيار نتيجة مخامرة الشُبَه والشكوك كما يراه المترجِم ، وإنّما هي وليدة البرهنة الصادقة ، وإنّه لم يعطِ القدر حقّه محاباةً له ، لكنّ الحجج الدامغة ألجأته إلى ذلك ، وكذلك ما يقوله في باب الأرزاق ، فهي تقادير محضة غير أنّ الإنسان كلف بتحرّي الأسباب الظاهريّة جرياً على النواميس الإلهيّة المطّردة في النظام العالميّ الأتمّ ، وهذه مسائل كلاميّة لا يروقنا الخوض فيها إلاّ هنالك.
وأمّا اعتماد ابن الرومي على العدل والرحمة وتنزيه ربّه ، فهو شأن كلّ مؤمن بالله ، عارف بكمال قدسه وصفاته الجمالية الجلاليّة ، وليس قرب أهل البيت الطاهر عليهمالسلام إلاّ نتيجة مودّتهم التي هي أجر الرسالة بنصّ من الذكر الحكيم ، وإنّما مثلهم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق ، وهم عِدل الكتاب ، وقد خلّفهما رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بعده وقال : «ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي» ، فأحرِ بهم أن يكون القرب منهم مؤمّناً للإنسان نشأته الأخرى ، وأمّا ما عزاه إليه من مظاهر المجون ، فهي معانٍ شعريّة لا يؤاخذ بها القائل ، وكم للشعراء الأعفّاء أمثالها.
هجاؤه
أخرج القرن الثالث للهجرة شاعرين هجّاءين ، هما أشهر الهجّائين في أدب