وإنَّ صاحب هذه الرحلة ـ الجولة ـ من القسمين الأخيرين ، وكان الحريّ بنا أن نشطب على اسمه وعلى رحلته بقلم عريض ، لكنّا نُلمس القارئ ما ادّعيناه فيه بطفيفٍ ممّا شوّه به سمعة الرحلة والتاريخ.
١ ـ قال : يقول العلماء هناك ـ في النجف ـ : إن المدافن فيها عشرة آلاف لا تزيد ولا تنقص ؛ لأنَّ سيّدنا عليّا يرسل ما زاد من الجثث بعيداً فلا يعرف أحد مقرّها (ص ١٠٥).
كم من جثثٍ كانت تحملها السيّارات وافدة من كلِّ فجٍّ ، وبعد الغسل يطاف بها حول الحرم ، وبعد الصلاة عليها تُدفن ، وتظلُّ كذلك حتى يتراءى لسيّدنا عليّ أن يكشف عن مكنونها ، فتختفي ويُدفن في مكانها غيرها (ص ١٠٦).
الجواب : لقد فتّشنا علب العطّارين ، وأوعية أهل الحرف ، وجوالق المكارين ، ومدوّنات القصص الروائية ، فلم تعطنا خُبراً بشيءٍ من هذه المفتريات ، ولا دلّنا أصحابنا إلى شيء من ذلك ، وإنّما قدّمناها وإيّاهم بالتفتيش والسؤال بعد اليأس عن العلماء وكتبهم ، فإنّهم يجلّون ـ كما أنّ كتبهم تجلُّ ـ عن الإشادة بالمخازي والأكاذيب ، وليت السائح ذكر عالماً من أولئك العلماء الذين شافهوه بذلك الخيال ، أو ذكر طرقهم إلى آرائهم ، أو ذكر الليلة التي أوحاه إليه شيطانه فيها ، لكنّه لم يفعل كلّ ذلك تحفّظاً على ناموس شيطانه ؛ فقال ولم يخجل :
من أين تخجلُ أَوجهٌ أمويّةٌ |
|
سَكَبَتْ بلذّاتِ الفجورِ حياءها |
٢ ـ قال : هي ـ النجف ـ مقرُّ أوّل خليفةٍ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم ، وفي زعم بعضهم ـ يعني الشيعة ـ هي مقرّ من كان أحقُّ بالرسالة من النبيّ نفسه (ص ١٠٤).
الجواب : ليس في الشيعة قديماً وحديثاً من يزعم أنّ أمير المؤمنين أحقُّ بالرسالة من النبيّ ، وإنِّما هو إفكٌ مفترىً اختلقه أضداد الشيعة تشويهاً لسمعتها ،