البغداديّ ، وعمر بن أحمد بن محمد المقري ، وابنه أبو علي المحسن التنوخي.
وأوّل من قلّده القضاء بعسكر مكرم وتُستر وجندي سابور ، في أيّام المقتدر بالله الخليفة الذي ولي الخلافة من سنة (٢٩٥) حتى قتل سنة (٣٢٠) من قبل القاضي أبي جعفر أحمد بن إسحاق بن البهلول التنوخي ، وكتبه له أبو علي بن مقلة وكان ذلك سنة (٣١٠) في السنة الثانية والثلاثين من عمره ، ثمّ تقلّد القضاء بالأهواز وكورة واسط وأعمالها والكوفة وسقي الفرات ، وعدّة نواحٍ من الثغور الشاميّة ، وأرَّجان وكورة سابور مجتمعاً ومفترقاً ، وتولّى قضاء إيذج وجُنْدَ حِمص من قِبل المطيع لله الذي ولي الخلافة سنة (٣٣٤) ، وكان المطيع لله قد عوّل على أبي السائب عن قضاء القضاة وتقليده إيّاه ، فأفسد ذلك بعض أعدائه ، وكان ابن مقلة قلّده المظالم بالأهواز ، واستخلفه أبو عبد الله البريدي بواسط على بعض أمور النظر.
وقال الثعالبي (١)) : كان يتقلّد قضاء البصرة والأهواز بضع سنين ، وحين صرف عنه ورد حضرة سيف الدولة زائراً ومادحاً ، فأكرم مثواه وأحسن قِراه ، وكتب في معناه إلى الحضرة ببغداد حتى أُعيد إلى عمله ، وزِيد في رزقه ورتبته ، وكان المهلّبي الوزير وغيره من رؤساء العراق يميلون إليه جدّا ، ويتعصّبون له ويعدّونه ريحانة الندماء ، وتاريخ الظرفاء ، ويعاشرون منه من تطيب عشرته ، وتكرم أخلاقه ، وتحسن أخباره.
حديث حفظه وذكائه
كان المترجم آيةً في الحفظ والذكاء ، قال ولده القاضي أبو علي المحسن في نشوار المحاضرة (٢) (ص ١٧٦) : حدّثني أبي قال : سمعت أبي ينشد يوماً وسنّي إذ ذاك خمس عشرة سنة بعض قصيدة دعبل الطويلة التي يفتخر فيها باليمن ويعدّد مناقبهم ،
__________________
(١) يتيمة الدهر : ٢ / ٣٩٣.
(٢) نشوار المحاضرة : ٢ / ١٤٠.