نحن بنو عبد مناف ، ليس لبعضنا على بعض فضل. فأجاب عنه أمير المؤمنين ، بقوله : «لعمري إنّا بنو أبٍ واحدٍ ، ولكن ليس أميّة كهاشم ، ولا حربٌ كعبد المطّلب ، ولا أبو سفيان كأبي طالب ، ولا المهاجرُ كالطليق ، ولا الصريح كاللصيق ، ولا المحقُّ كالمبطل ، ولا المؤمن كالمدغل ، ولبئس الخلف خلَفٌ يتبع سلفاً هوى في نار جهنّم ، وفي أيدينا بعدُ فضل النبوّة» (١).
قال الأميني :
(أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) (٢) (قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ* أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ) (٣).
٣ ـ قال : نقول إنَّ فكر معاوية في اختيار الخليفة بعده حسن جميل ، وإنَّه ما دام لم توضع قاعدة لانتخاب الخلفاء ، ولم يعيِّن أهل الحلِّ والعقد الذين يُرجع إليهم ، فأحسن ما يُفعل هو أن يختار الخليفة وليَّ عهده قبل أن يموت ؛ لأنَّ ذلك يبعد الاختلاف الذي هو شرٌّ على الأمّة من جور إمامها (٢ / ١١٩).
وقال : وممّا انتقد الناس معاوية أنّه اختار ابنه للخلافة ، وبذلك سنَّ في الإسلام سنّة الملك المنحصرة في أسرة معيّنة ، بعد أن كان أساسه الشورى ويختار من عامّة قريش ، وقالوا : إنَّ هذه الطريقة التي سنّها معاوية تدعو في الغالب إلى انتخاب غير الأفضل الأليق من الأمّة ، وتجعل في أسرة الخلافة الترف ، والانغماس في الشهوات والملاذ ، والرفعة على سائر الناس.
أمّا رأينا في ذلك فإنَّ هذا الانحصار كان أمراً حتماً لا بُدَّ منه لصلاح أمر
__________________
(١) كتاب صفّين لابن مزاحم : ص ٥٣٨ ، ٥٣٩ [ص ٤٧١] ، الإمامة والسياسة : ١ / ١٠٠ [١ / ١٠٤] ، مروج الذهب : ٢ / ٦١ [٣ / ٢٣] ، نهج البلاغة : ٢ / ١٢ [ص ٣٧٥ كتاب ١٧] ، شرح ابن أبي الحديد : ٣ / ٤٢٤ [١٥ / ١١٧ كتاب ١٧] ، ربيع الأبرار للزمخشري : باب ٦٦ [٣ / ٤٧٠]. (المؤلف)
(٢) التوبة : ٧٠.
(٣) سورة ص : ٦٧ ـ ٦٨.