ابن عبّاس : آخى النبيّ صلى الله عليه وسلم بين الزبير وابن مسعود وهما من المهاجرين.
قلت : وأخرجه الضياء في المختارة من المعجم الكبير للطبراني (١) ، وابن تيميّة يصرِّح بأنَّ أحاديث المختارة أصحّ وأقوى من أحاديث المستدرك وقصّة المؤاخاة الأولى ، ثمَّ ذكر حديثها الصحيح من طريق الحاكم الذي أسلفناه.
وذكر العلاّمة الزرقاني في شرح المواهب (١ / ٣٧٣) جملةً من الأحاديث والكلمات الواردة في كلتا المرّتين من المؤاخاة ، وقال : وجاءت أحاديث كثيرة في مؤاخاة النبيِّ صلى الله عليه وسلم لعليٍّ. ثمّ أوعز إلى مزعمة ابن تيميّة وردَّ عليه بكلام الحافظ ابن حجر المذكور. (اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ) (٢)).
١٨ ـ قال : الحديث الذي ذكر ـ العلاّمة ـ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم «إنَّ فاطمة أحصنت فرجها فحرَّمها الله وذرّيتها على النار» كذبٌ باتِّفاق أهل المعرفة بالحديث. ويظهر كذبه لغير أهل الحديث أيضاً ، فإنَّ قوله : إن فاطمة أحصنت فرجها ... باطل قطعاً ، فإنَّ سارة أحصنت فرجها ولم يحرِّم الله جميع ذرِّيّتها على النار ، وأيضاً فصفيّة عمّة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أحصنت فرجها ومن ذرِّيّتها محسنٌ وظالمٌ ، وفي الجملة : اللواتي أحصنَّ فروجهنّ لا يُحصي عددهنَّ إلاّ الله ، ومن ذرِّيتهن البرّ والفاجر والمؤمن والكافر. وأيضاً ففضيلة فاطمة ومزيّتها ليست بمجرّد إحصان الفرج ، فإنَّ هذا تشارك فيه فاطمة وجمهور نساء المؤمنين (٢ / ١٢٦).
الجواب : عجباً لهذا الرجل وهو يحسب أنَّ الإجماعات والاتِّفاقات طوع إرادته ، فإذا لم يرقه تأويل آية أو حديث أو مسألة أو اعتقاد يقول في كلٍّ منها للملإ العلمي : اتَّفقوا! فتُلبِّيه الأحياء والأموات ، ثمَّ يحتجُّ باتِّفاقهم. ولعمر الحقِّ لو لم يكن الإنسان منهيّا عن الكذب ولغو الحديث لما يأتي منهما فوق ما أتى به الرجل.
__________________
(١) المعجم الكبير : ١٢ / ١٣٩ ح ١٢٨١٦.
(٢) الأعراف : ٣.