منزَّل على هؤلاء فحسب ، وإن كان في رجالات أهل البيت غيرهم أولياء صدّيقون أزكياء لا يجترحون السيّئات إلاّ أنَّ الشيعة لا توجب لهم العصمة.
وأمّا ما استند إليه الرجل من كلام صاحب منهاج الشريعة ، فليس فيه أيّ إشارة إلى العصمة بل صريح القول منه خلافها ، لأنَّه يثبت أنَّ فيهم من تفوته ثمَّ يتدارك بالتوبة قبل وفاته ثمّ الشفاعة من وراء ذلك ، فرجل يقترف السيّئة ، ثمّ يوفّق للتوبة عنها ، ثمّ يُعفى عنها بالشفاعة لا يُسمّى معصوماً ، بل هذه خاصّة كلّ مؤمن يتدارك أمره بالتوبة ، وإنّما الخاصّة بالذرّية التمكّن من التوبة على أيّ حال.
قال القسطلاني في المواهب (١) ، والزرقاني في شرحه (٣ / ٢٠٣) : رُوي عن ابن مسعود رفعه : «إنّما سُمِّيت فاطمة» بإلهام من الله لرسوله إن كانت ولادتها قبل النبوّة ، وإن كانت بعدها فيحتمل بالوحي «لأنّ الله قد فطمها» من الفطم وهو المنع ومنه فطم الصبيّ «وذرّيتها من النار يوم القيامة» أي منعهم منها ، فأمّا هي وابناها فالمنع مطلق ، وأمّا من عداهم فالممنوع عنهم نار الخلود فلا يمتنع دخول بعضهم للتطهير ، ففيه بشرى لآله صلى الله عليه وسلم بالموت على الإسلام ، وأنَّه لا يختم لأحد منهم بالكفر ، نظيره ما قاله الشريف السمهودي في خبر الشفاعة لمن مات بالمدينة مع أنَّه يشفع لكلّ من مات مسلماً ، أو أنَّ الله يشاء المغفرة لمن واقع الذنوب منهم إكراماً لفاطمة وأبيها صلى الله عليه وسلم ، أو يوفّقهم للتوبة النصوح ولو عند الموت ويقبلها منهم. أخرجه الحافظ الدمشقي هو ابن عساكر (٢).
وروى الغسّاني (٣) والخطيب (٤) وقال : فيه مجاهيل مرفوعاً : «إنَّما سُمِّيت فاطمة لأنَّ الله فطمها ومحبّيها عن النار» ففيه بشرى عميمة لكلّ مسلم أحبّها ، وفيه التأويلات المذكورة.
__________________
(١) المواهب اللدنيّة : ٢ / ٦٤.
(٢) تاريخ مدينة دمشق : ٥ / ٤٦ ، وفي ترجمة الإمام الحسين عليهالسلام ـ الطبعة المحقّقة ـ : رقم ١٧٤.
(٣) معجم الشيوخ : ص ٣٥٩ رقم ٣٤٤.
(٤) تاريخ بغداد : ١٢ / ٣٣١ رقم ٦٧٧٢.