فجاء يحكم وينقد ، ويتحكّم ويفنِّد ، وينبر وينبز ، ويعبث بكتاب الله ويفسِّره برأيه الضئيل ؛ وعقليّته السقيمة كيف شاء وأراد ، فكأنّ القرآن قد نزل اليوم ولم يسبقه إلى معرفته أحد ، ولم يأت في آيه قولٌ ، ولم يُدوَّن في تفسيره كتابٌ ، ولم يرد في بيانه حديث ، وكأنَّ الرجل قد أتى بشرعٍ جديد ، ورأي حديث ، ودين مخترَع ، ومذهب مبتدع ، لا يساعده أيُّ مبدأ من مبادئ الإسلام ، ولا شيء من الكتاب أو السنّة.
ما قيمة مغفَّل وكتابه وهو يرى الأمّة شريكة لنبيّها في كلّ ما كان له ، وفي كلِّ فضيلة وكمال تستوجبها الرسالة ، وشريكة لنبيّها في أخصّ خصائص النبوّة ، ويرى رسالة الأمّة متّصلة تمام الاتصال برسالة نبيّها ، ويحسب سورة القدر سورة رسالة الأمة متصلة بسورة رسالة النبيِّ من غير فصل ، ويستدلُّ على رسالة الأمّة بقوله تعالى : (لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ) (١). وبقوله : (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ) (٢).
والكلام معه في هذه الأساطير كلّها يستدعي فراغاً أوسع من هذا ، ولعلّه يُتاح لنا في المستقبل الكشّاف إن شاء الله تعالى ، وقد أغرق نزعاً في تفنيد أباطيله العلاّمة المبرور الشيخ مهدي الحجّار النجفي نزيل المعقل (٣).
ولو لم يكن للرجل في طيّ كتابه إلا أساطيره الراجعة إلى الأمّة لكفاه جهلاً وسوأة ، وإليك نماذج منها ، قال :
١ ـ الأمّة معصومة عصمة نبيّها ، معصومة في تحمّلها وحفظها ، وفي تبليغها وأدائها ، حفظت كلَّ ما بلّغه النبيُّ مثل حفظ النبيِّ ، وبلّغت كلَّ ما بلّغه النبيُّ مثل تبليغ النبيِّ ، حفظت كلّيات الدين وجزئيّات الدين أصلاً وفرعاً ، وبلّغت كلّيات الدين وجزئيّات الدين أصلاً وفرعاً.
__________________
(١) التوبة : ١٢٨.
(٢) الفتح : ٢٩.
(٣) أحد شعراء الغدير في القرن الرابع عشر ، يأتي هناك شعره وترجمته. (المؤلف)