والحاصل : أن لا يُقام لكلامه وزنٌ بل يُرمى في كلِّ وعرٍ وحزَن ، ويُعتقد فيه أنَّه مبتدعٌ ضالٌّ مضلٌّ غالٍ ، عامله الله بعدله ، وأجارنا من مثل طريقته وعقيدته وفعله ، آمين. إلى أن قال : إنَّه قائلٌ بالجهة ، وله في إثباتها جزءٌ ، ويلزم أهل هذا المذهب الجسميّة والمحاذاة والاستقرار ، أي فلعلّه في بعض الأحيان كان يصرِّح بتلك اللوازم فنُسبت إليه ، سيّما ومن نسب إليه ذلك من أئمّة الإسلام المتَّفق على جلالته وإمامته وديانته ، وإنَّه الثقة العدل المرتضى المحقِّق المدقِّق ، فلا يقول شيئاً إلاّ عن تثبّت وتحقّق ومزيد احتياطٍ وتحرٍّ ، سيّما إن نسب إلى مسلم ما يقتضي كفره وردّته وضلاله وإهدار دمه.
(وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ* يَسْمَعُ آياتِ اللهِ تُتْلى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) (١)
٧ ـ
البداية والنهاية (٢)
لا تنسَ ما لهذا الكتاب من التولّع في الفرية والتهالك دون القذائف والشتائم والطعن من غير مبرّر ، وإنَّ رميّة (٣) كلّ هاتيك الطامّات الشيعة لا غيرهم ؛ وبذلك أخرج كتابه من بساطة التاريخ إلى هملجة التحامل ، والنعرات القومية (٤) ، والنزول على حكم العاطفة ، إلى غيرها مما يوجب تعكير الصفو وإقلاق السلام وتفريق الكلمة.
زد على ذلك محادّته لأهل البيت عليهمالسلام ونصبه العداء لهم ، حتى إذا وقف على فضيلة
__________________
(١) الجاثية : ٧ ، ٨.
(٢) تأليف الحافظ عماد الدين أبي الفداء بن كثير الدمشقي : المتوفّى ٧٧٤. (المؤلف)
(٣) الرميّة : هي ما يكون هدفاً للرامي.
(٤) مراد المؤلف قدسسره من ذلك التعصّب للرأي الذي يجتمع عليه القوم أو الجماعة.