موقفه من الصدق ، ومبوّأه من الأمانة ، ومقيله من العلم ، ومحلّه من الدين ، ومستواه من الأدب.
(الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ) (١)
١١ ، ١٢ ، ١٣ ـ
فجر الإسلام. ضحى الإسلام. ظهر الإسلام
هذه الكتب ألَّفها الأستاذ أحمد أمين المصريّ لغاية هو أدرى بها ، ونحن أيضاً لا يفوتنا عرفانها ، وهذه الأسماء الفخمة لا تغرُّ الباحث النابه مهما وقف على ما في طيّها من التافهات والمخازي ، فهي كاسمه ـ الأمين ـ لا تطابق المسمّى ، وايم الله إنَّه لو كان أميناً لكان يتحفّظ على ناموس العلم والدين والكتاب والسنّة ، وكفَّ القلم عن تسويد تلك الصحائف السوداء ، ولم يكن يشوّه سمعة الإسلام المقدّس قبل سمعة مصره العزيزة بلسانه اللسّابة (٢) السلاّقة ، وكان لم يتّبع الهوى فيضلَّ عن السبيل ، ولم يطمس الحقائق ولم يظهرها للناس بغير صورها الحقيقية المبهجة ، ولم يحرِّف الكلم عن مواضعها ، ولم يقذف أمّةً كبيرةً بنسب مفتعلة ، ولم يتقوّل عليهم بما يدنِّس ذيل قدسهم.
كما أنّ تآليفه هذه لو كانت إسلامية ـ كما توهمها أسماؤها ـ لما كانت مشحونةً بالضلال والإفك وقول الزور ، ولما بعدت عن أدب الإسلام ، عن أدب العلم ، عن أدب العفّة ، عن أدب الإخاء الذي جاء به القرآن ، فالإسلام الذي جاء به أمين القرن العشرين ـ لا القرن الرابع عشر ـ ، يضادُّ نداء القرآن البليغ ، نداء الإسلام الذي صدع به أمين وحي الله في القرن الأوّل الهجريّ ، فإن كان الإسلام هذا كتابه وهذا أمينه
__________________
(١) غافر : ٣٥.
(٢) صيغة مبالغة من : لسب يلسب ، بمعنى لدغ.