الطنبور نغمات بضمِّ الحمير إلى الخيول ، وادِّعائه اطِّراد العادة في كلِّ ليلة واتِّصالها منذ أكثر من ألف عام ، والشيعة لا ترى أنَّ غيبة الإمام في السرداب ، ولا هم غيّبوه فيه ولا أنَّه يظهر منه ، وإنَّما اعتقادهم المدعوم بأحاديثهم أنَّه يظهر بمكّة المعظّمة تجاه البيت ، ولم يقل أحدٌ في السرداب إنَّه مغيب ذلك النور ، وإنّما هو سرداب دار الأئمّة بسامرّاء ، وإنَّ من المطّرد إيجاد السراديب في الدور وقايةً من قائظ الحرّ ، وإنَّما اكتسب هذا السرداب بخصوصه الشرف الباذخ لانتسابه إلى أئمّة الدين ، وأنَّه كان مبوّأً لثلاثة منهم كبقيّة مساكن هذه الدار المباركة ، وهذا هو الشأن في بيوت الأئمّة عليهمالسلام ومشرِّفهم النبيُّ الأعظم في أيّ حاضرة كانت ، فقد أذن الله أن تُرفع ويذكر فيها اسمه.
وليت هؤلاء المتقوّلين في أمر السرداب اتّفقوا على رأي واحد في الأكذوبة ، حتى لا تلوح عليها لوائح الافتعال فتفضحهم ، فلا يقول ابن بطّوطة (١) في رحلته (٢) (٢ / ١٩٨) : إنَّ هذا السرداب المنوّه به في الحلّة ، ولا يقول القرماني في أخبار الدول (٣) : إنّه في بغداد. ولا يقول الآخرون : إنّه بسامرّاء ، ويأتي القصيميّ من بعدهم فلا يدري أين هو ، فيطلق لفظ السرداب ليستر سوأته.
وإنّي كنت أتمنّى للقصيميّ أن يحدِّد هذه العادة بأقصر من ـ أكثر من ألف عام ـ حتى لا يشمل العصر الحاضر والأعوام المتّصلة به ، لأنَّ انتفاءها فيه وفيها بمشهدٍ ومرأىً ومسمع من جميع المسلمين ، وكان خيراً له لو عزاها إلى بعض القرون الوسطى حتى يجوِّز السامع وجودها في الجملة ، لكنَّ المائن غير متحفِّظ على هذه الجهات.
وأمّا تحريف القرآن فقد مرّ حقُّ القول فيه (ص ٨٥) وغيرها.
هذه نبذٌ من طامّات القصيميّ وله مئاتٌ من أمثالها ، ومن راجع كتابه عرف
__________________
(١) وهكذا ابن خلدون في مقدمة تاريخه : ١ / ٣٥٩ [١ / ٢٤٩] ، وابن خلّكان في تاريخه : ص ٥٨١ [٤ / ١٧٦ رقم ٥٦٢]. (المؤلف)
(٢) رحلة ابن بطّوطة : ص ٢٢٠.
(٣) أخبار الدول : ١ / ٣٥٣.