صحيحة لأحدهم ، أو جرى ذكر أوحديّ منهم ، قذف الأولى بالطعن والتكذيب وعدم الصحّة ، وشنّ على الثاني غارة شعواء ، كلّ ذلك بعد نزعته الأمويّة الممقوتة. وإليك نماذج ممّا ذكر :
١ ـ قال : ذكر ابن إسحاق وغيره من أهل السير والمغازي : أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم آخى بينه ـ يعني عليّا ـ وبين نفسه ، وقد ورد في ذلك أحاديث كثيرة لا يصحُّ شيء منها لضعف أسانيدها وركّة بعض متونها ، قاله في (١) (٧ / ٢٢٣) ، وقال في (ص ٣٣٥) ـ بعد روايته من طريق الحاكم ـ : قلت : وفي صحّة هذا الحديث نظر.
الجواب : إنَّ القارئ إذا ما راجع ما مرّ في (ص ١١٢ ـ ١٢٥ و ١٧٤) ، ووقف هناك على طرق الحديث الكثيرة الصحيحة ، وثقة رجالها ، وإطباق الأئمّة والحفّاظ وأرباب السير على إخراجه وتصحيحه ، يعرف قيمة كلمة الرجل ومحلّه من الصدق ، ويعلم أن لا وجه للنظر فيه إلاّ بواعث ابن كثير ، واندفاعه إلى مناوأة أهل البيت ، الناشئ عن نزعته الأمويّة ، والمتربّي في عاصمة الأمويِّين ، المتأثِّر بنزعاتهم الأهوائيّة ، لا ينقطع عن الوقيعة في مناقب سيّد هذه الأمّة بعد نبيِّها المتسالم عليها ، فدعه وتركاضه مع الهوى.
٢ ـ ذكر حديث الطير المتواتر الصحيح ، الذي خضع لتواتره وصحّته أئمّة الحديث ، ثمَّ تخلّص منه بقوله (٢) (ص ٣٥٣) : وبالجملة ففي القلب من صحّة هذا الحديث نظرٌ وإن كثرت طرقه ، والله أعلم.
الجواب : هذا قلبٌ طبع الله عليه ، وإلاّ فما وجه ذلك النظر بعد تمام شرائط الصحّة فيه؟! وليس من البدع أن يكون أيُّ أحدٍ من الناس أحبَّ الخلق إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وليس لأحد حقّ النقد ولا الاعتراض عليه ، فكيف بمثل أمير المؤمنين عليهالسلام
__________________
(١) البداية والنهاية : ٧ / ٢٥٠ حوادث سنة ٣٥ ه ، ص ٣٧١ حوادث سنة ٤٠ ه.
(٢) البداية والنهاية : ص ٣٩٠ حوادث سنة ٤٠ ه.