تاريخ ابن عساكر (١) (٣ / ٤٠٧).
هذه جملةٌ من النصوص النبويّة والكلم المأثورة عن أمير المؤمنين والصحابة والتابعين ، في أنّ عليّا أوّل من أسلم ، وهي تربو على مائة كلمة ، أضف إليها ما مرَّ [في] (٢ / ٣٠٦) من أنَّ أمير المؤمنين سبّاق هذه الأمّة ، وأشفع الجميع بما أسلفناه [في] (٢ / ٣١٢) من أنَّه ـ صلوات الله عليه ـ صدِّيق هذه الأمّة ، وهو الصدِّيق الأكبر.
فهل تجد عندئذٍ مساغاً لمكابرة ابن كثير تجاه هذه الحقيقة الراهنة ، وقوله : وهذا لا يصحّ من أيّ وجه كان روي فيه؟ وهل ترى مقيلاً من الصدق في قوله : وقد ورد في أنَّه أوّل من أسلم .. إلخ؟ فإذا لا يصحُّ مثل هذه ، فما الذي يصحّ؟ وإن كان لا يصحّ شيءٌ منها ، فما قيمة تلك الكتب المشحونة بها؟
(كَلاَّ إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) (٢).
وأنت ترى الرجل يزيّف هذه الكلم والنصوص الكثيرة الصحيحة بحكم الحفّاظ الأثبات بكلمة واحدة قارصة ، ويعتمد في إثبات أيِّ أمرٍ يروقه في تاريخه على المراسيل والمقاطيع والآحاد ، ونقل المجاهيل وأفناء الناس.
تذييل
قال المأمون في حديث احتجاجه على أربعين فقيهاً ومناظرته إيّاهم في أنّ أمير المؤمنين أولى الناس بالخلافة : يا إسحاق أيُّ الأعمال كان أفضل يوم بعث الله رسوله؟ قلت : الإخلاص بالشهادة. قال : أليس السبق إلى الإسلام؟ قلت : نعم. قال : اقرأ ذلك في كتاب الله يقول : (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ* أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ) (٣) إنّما
__________________
(١) تاريخ مدينة دمشق : ٤ / ٢٧ ، وفي مختصر تاريخ دمشق : ٦ / ١١٧.
(٢) المؤمنون : ١٠٠.
(٣) الواقعة : ١٠ ـ ١١.