ولو أردت الوقوف على الحقيقة في كلّ ما لفّقه الرجل من إفك شائن ، فعليك بكتاب الهدى إلى دين المصطفى ، وكتاب الرحلة المدرسيّة وغيرهما ، من تأليف شيخنا العلم المجاهد الحجّة الشيخ محمد جواد البلاغي النجفي ، وما ألَّفه غيره من أعلام الأمّة.
تسافل الشرق أو انحطاط العرب
لا أحسب أنّ بسطاء الأمّة الإسلاميّة ، فضلاً عن أعلامها ، تخفى عليهم الغايات المتوخّاة في أمثال هذه الكتب المزوّرة ، ولا تأمرهم أحلامهم قطُّ بنشر ما خطّته تلكم الأقلام المستأجرة لزعانفة الجاهليّة ، ولا يحسب أيُّ حامل حساسات الحيا بين جنبيه أنّ في تلكم التآليف فائدة طائلة قصرت عنها يد الشرق التي هي عاصمة علم الدنيا ومرتكز لواء كلّ فضيلة ومحمدة اجتماعيّة.
ولا يهجس في خلد أيّ محنّك أنّ في طيِّ تلكم الكلم مقيلاً من ظلِّ الحقيقة ، أو أنّ أحداً من أولئك الأساتذة المستشرقين قد أتى بفكرة صالحة جديدة في إصلاح المجتمع من شئون اجتماعيّة ، وأخلاقيّة ، وسياسيّة ، وأدبيّة ، وروحيّة لم يأت بها نبيُّ الإسلام في كتابه وسنّته ، حاشا نبيّ الإصلاح المبعوث لتتميم مكارم الأخلاق.
فما حاجة الأمّة العربيّة الآخذة بناصية الشرق إلى ترجمة هذه التآليف الفارغة عن أدب الدين ، وأدب العلم ، وأدب النزاهة ، وأدب العفّة ، وأدب الصدق والأمانة ، وأدب الحقّ والحقيقة؟!
وما هذا الانحطاط والتسافل البالغ في العروبة ، وقد أصبحت ـ والعياذ بالله ـ في مسيس الحاجة إلى هذه الكتب المخزية ، تأليف كلّ خائرٍ بائرٍ ، تأليف من صَفِرت يداه عن كلّ خير ، والضلال سجيّته وقرواه (١)؟!
__________________
(١) القرْو والقَرِيّ : كلّ شيء على طريق واحد ، يقال : رأيت القوم على قروٍ واحد أي على طريقة واحدة.