فالذي نستفيده من تاريخ السبط المفدّى هو وجوب النهوض في وجه كلِّ باطلٍ ومناصرة كلِّ حقٍّ ، ولإبقاء هيكل الدين ونشر تعاليمه وبثِّ أخلاقه. نعم ، يُعلّمنا هذا التاريخ المجيد النزوع إلى إيثار الخلود في البقاء ولو باعتناق المنيّة على الحياة المخدَجة تحت نير الاستعباد ، والمبادرة إلى الانتهال من مناهل الموت لتخليص الأمّة من مخالب الجور والفجور ، ويلزمنا بسلوك سنن المفاداة دون الحنيفيّة البيضاء ، والنزول على حكم الإباء دون مهاوي الذلِّ. هذا غيض من فيض من دروس سيِّدنا الحسين عليهالسلام التي ألقاها على أمّة جدِّه ، لا ما جاء في مزعمة الخضريِّ من أن التاريخ .. إلخ.
وللخضريِّ من ضرائب ما ذُكر بوائق جمّة ضربنا عنها صفحاً ، وإنَّما أردنا إيقاظ شعور الباحث بما ذكر إلى سنخ آرائه الأمويّة.
(يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ
(وَكانَ اللهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطاً) (١)
٩ ـ
السنَّة والشيعة
|
بقلم السيِّد محمد رشيد رضا صاحب المنار |
لم يقصد صاحب هذه الرسالة نقداً نزيهاً أو حجاجاً صحيحاً ، وإن كان قد صبغها بصبغة الردّ على العلاّمة الحجّة في علويّة الشيعة السيّد محسن الأمين العاملي ـ حياه الله وبيّاه ـ لكنّه لم يتهجّم على حصونه المنيعة إلاّ بسباب مقذع ، أو إهانة قبيحة ، أو تنابز بالألقاب ، أو هتك شائن ، ومعظم قصده إغراء الدول الثلاث العربية : العراقية ، والحجازية ، واليمانية بالشيعة ، بأكاذيب وتمويهات ، وعليه فليس من خطّة الباحث نقد أمثالها ، غير أنّه لم نجد منتدحاً من الإيعاز إلى شيءٍ من الأكاذيب
__________________
(١) النساء : ١٠٨.