قد تغني عن فضائله جميعاً ولو كان صاحبها لا ينظم شعراً ، ولا ينظر في كتب الفلسفة والرواية والنجوم.
حسن ، إذن ندع الوزارة والولاية والعمالة بعد يأس مضيض يسهل علينا هنا أن نسطّره في كلمة عابرة ، ولكنّه لا يسهل على من يعالجه ويشقى بمحنته في كلّ ساعة من ساعات حياته ، ندع الوزارة والولاية والعمالة ، ونقنع بالمثوبة من الوزراء والولاة والعمّال ، إن كانوا يثيبون المادحين ، فهل تراهم يفعلون؟
لا! لأنّ الحيلة لازمةٌ في استدرار الجوائز والمثوبات لزومها في كلّ غرض من أغراض المعاش ، ولا سيّما في ذلك الزمان الذي شاعت فيه الفتن والسعايات ، وما كانت تنقضي منه سنةٌ واحدةٌ بغير مكيدة خبيثة تؤدي بحياة خليفة ، أو أمير ، أو وزير ، وربما كانت مصانعة الحجّاب ، والتماس مواقع الهوى من نفوس الحاشية والندمان ، واللعب بمغامز النفوس الخفيّة ، وإضحاك هؤلاء وهؤلاء ، أجدى على الشاعر في هذا الباب من بلاغة شعره وغزارة علمه.
وبسط الكلام في الموضوع إلى (ص ٢٣٥) فقال :
هو وشعراء عصره
عاصر ابن الرومي في بيئته كثيرٌ من الشعراء ، أشهرهم في عالم الشعر : الحسين ابن الضحّاك ، ودعبل الخزاعي ، والبحتري ، وعليُّ بن الجهم ، وابن المعتزّ ، وأبو عثمان الناجم.
وليس لهؤلاء ولا لغيرهم ممّن عاصروه وعرفوه أو لم يعرفوه أثر يُذكر في تكوينه غير اثنين فيما نظنّ ، هما الحسين بن الضحّاك ودعبل الخزاعي.
قال الأميني : وكان بين ابن الرومي والشاعر المفلق ابن الحاجب محمد بن أحمد صلة ومودّة ، وجرت بينهما نوادر ، منها : أنّ ابن الحاجب سأله ابن الرومي زيارته في