عنى من سبق إلى الإسلام ، فهل علمت أحداً سبق عليّا إلى الإسلام؟ قلت : يا أمير المؤمنين إنَّ عليّا أسلم وهو حديث السنِّ لا يجوز عليه الحكم ، وأبو بكر أسلم وهو مستكملٌ يجوز عليه الحكم. قال : أخبرني أيّهما أسلم قبلُ ، ثمَّ أناظرك من بعده في الحداثة والكمال. قلت : عليٌّ أسلم قبل أبي بكر على هذه الشريطة. فقال : نعم ، فأخبرني عن إسلام عليٍّ حين أسلم ، لا يخلو من أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاه إلى الإسلام أو يكون إلهاماً من الله. قال : فأطرقت ، فقال لي : يا إسحاق لا تقل إلهاماً فتقدِّمه على رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ لأنَّ رسول الله لم يعرف الإسلام حتى أتاه جبريل عن الله تعالى. قلت : أجل بل دعاه رسول الله إلى الإسلام. قال : يا إسحاق ، فهل يخلو رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دعاه إلى الإسلام من أن يكون دعاه بأمر الله أو تكلّف ذلك من نفسه؟ قال : فأطرقت. فقال : يا إسحاق لا تنسب رسول الله إلى التكلّف ؛ فإنَّ الله يقول : (وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ) (١) ، قلت : أجل يا أمير المؤمنين ، بل دعاه بأمر الله. قال : فهل من صفة الجبّار ـ جلَّ ذكره ـ أن يكلّف رسله دعاء من لا يجوز عليه حكمٌ؟ قلت : أعوذ بالله. فقال : أفَتَراه في قياس قولك يا إسحاق : أنّ عليّا أسلم صبيّا لا يجوز عليه الحكم ، قد تكلّف رسول الله صلى الله عليه وسلم من دعاء الصبيان ما لا يطيقون؟ فهل يدعوهم الساعة ويرتدّون بعد ساعة ، فلا يجب عليهم في ارتدادهم شيءٌ ، ولا يجوز عليهم حكم الرسول عليهالسلام؟ أترى هذا جائزاً عندك أن تنسبه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلت : أعوذ بالله.
العقد الفريد (٢) (٣ / ٤٣).
وقال أبو جعفر الإسكافيّ المعتزليّ : المتوفّى (٢٤٠) في رسالته (٣) : قد روى الناس كافّة افتخار عليّ عليهالسلام بالسبق إلى الإسلام ، وأنَّ النبيَّ صلىاللهعليهوآلهوسلم استُنبئ يوم الإثنين وأسلم عليٌّ يوم الثلاثاء ، وأنَّه كان يقول : «صلّيت قبل الناس سبع سنين» ، وأنَّه
__________________
(١) سورة ص : ٨٦.
(٢) العقد الفريد : ٥ / ٥٨.
(٣) شرح نهج البلاغة : ١٣ / ٢٤٤ خطبة ٢٣٨.