وعبد الرحمن بن عوف ، وآخى بين سلمان الفارسي وأبي الدرداء ، كما ثبت ذلك في الصحيح (٢ / ١١٩).
الجواب : إنَّ حكم الرجل ببطلان حديث المؤاخاة الثابت بين المسلمين على بكرة أبيهم يكشف عن جهله المطبق بالحديث والسيرة ، أو عن حنقه المحتدم على أمير المؤمنين عليهالسلام فلا يسعه أن ينال منه إلاّ بإنكار فضائله ، فكأنَّه آلى على نفسه أن لا يمرَّ بفضيلة إلاّ وأنكرها وفنّدها ولو بالدعوى المجرّدة. فقد أوضحنا في (ص ١١٢ ـ ١٢٥) أنّ قصّة المؤاخاة وقعت بين أفراد الصحابة قبل الهجرة مرّة وبين المهاجرين والأنصار بعدها مرّة أخرى ، وفي كلٍّ منهما آخى هو صلىاللهعليهوآلهوسلم أمير المؤمنين عليهالسلام ، وحسب الرجل ما في فتح الباري (١) (٧ / ٢١٧) للحافظ ابن حجر العسقلاني ، قال بعد بيان كون المؤاخاة مرّتين وذكر جملة من أحاديثهما : وأنكر ابن تيميّة في كتاب الردّ (٢) على ابن المطهَّر الرافضي في المؤاخاة بين المهاجرين وخصوصاً مؤاخاة النبيِّ لعليٍّ ، قال : لأنَّ المؤاخاة شُرّعت لإرفاق بعضهم بعضاً ، ولتأليف قلوب بعضهم على بعض ، فلا معنى لمؤاخاة النبيِّ لأحدٍ منهم ، ولا لمؤاخاة مهاجريٍّ لمهاجريٍّ. وهذا ردٌّ للنصِّ بالقياس وإغفالٌ عن حكمة المؤاخاة ، لأنَّ بعض المهاجرين كان أقوى من بعض بالمال والعشيرة والقوى ، فآخى بين الأعلى والأدنى ليرتفقنّ الأدنى بالأعلى ، ويستعين الأعلى بالأدنى ، وبهذا نظر في مؤاخاته لعليّ لأنَّه هو الذي كان يقوم به من عهد الصبا من قبل البعثة واستمرَّ ، وكذا مؤاخاة حمزة وزيد بن حارثة ؛ لأنَ زيداً مولاهم ، فقد ثبّت أخوّتهما وهما من المهاجرين ، وسيأتي في عمرة القضاء قول زيد بن حارثة : إنَّ بنت حمزة بنت أخي.
وأخرج الحاكم (٣)) ، وابن عبد البرّ (٤) بسند حسن عن أبي الشعثاء ، عن
__________________
(١) فتح الباري : ٧ / ٢٧١.
(٢) هو كتاب منهاج السنّة الذي نتكلّم حوله. (المؤلف)
(٣) المستدرك على الصحيحين : ٣ / ٣٥٥ ح ٥٣٧٢.
(٤) الاستيعاب : القسم الثاني / ٥١١ رقم ٨٠٨.