بيد أنّ الإيمان شيءٌ وأداء الفرائض الدينيّة شيءٌ آخر ، فقصارى الإيمان عنده أنَّه يؤمّنه بقرب آل البيت ، وتنزيه ربّه ، والاطمئنان إلى عدله ورحمته ، ثمّ يدَعُ له سبيله يلعب ويمرح كلّما لذّ له اللعب والمرح ، ولا أهلاً بالصيام إذا قطع عليه ما اشتهى من لذّة وأرب :
فلا أهلاً بمانعِ كلِّ خيرٍ |
|
وأهلاً بالطعامِ وبالشراب |
بل لا حرج عليه إذا قضى ليلة في السرور أن يشبّهَها بليلة المعراج :
رَفَعَتْنا السعودُ فيها إلى الفو |
|
زِ فكانت كليلةِ المعراجِ |
ذلك أنّه كان في تقواه طوع الإحساس الحاضر ، كما كان في كلّ حالة من حالاته. يلعب فلا يبالي أن يتماجن حيث لا يليق مجونٌ ، ويستحضر التقوى والخشوع فلا يُباريه أحدٌ من المتعبّدين ، ويخيّل إليك أنَّك تستمع إلى متعبّد عاش عمره في الصوامع حين تستمع إليه يقول :
تتجافى جنوبُهم |
|
عن وَطء المضاجعِ |
كلّهم بين خائفٍ |
|
مستجيرٍ وطامعِ |
تركوا لذّةَ الكرى |
|
للعيونِ الهواجعِ |
ورَعَوا أنجُمَ الدجى |
|
طالعاً بعد طالعِ |
لو تراهم إذا همُ |
|
خَطَروا بالأصابعِ |
وإذا هم تأوّهوا |
|
عند مرّ القوارعِ |
وإذا باشروا الثرى |
|
بالخدودِ الضوارعِ |
واستهلّت عيونُهمْ |
|
فائضاتِ المدامعِ |
ودعوا يا مليكَنا |
|
يا جميلَ الصنائعِ |
اعفُ عنّا ذنوبَنا |
|
للوجوهِ الخواشعِ |
اعفُ عنّا ذنوبَنا |
|
للعيونِ الدوامعِ |