في النقل ، ويرى محلّه من الإرجاف وقذف رجل عظيم من عظماء الأمّة بفاحشة مبيَّنة ، واتِّهامه بالقول بعصمة الذرّية وهو ينصُّ على خلافه ، قال بعد ذكر حديث الثقلين (١) بلفظ مسلم (٢) وأحمد (٣) وغيرهما من الحفّاظ ما نصّه :
دلّت هذه الأحاديث على عصمة أهل البيت من الذنوب والخطإ ، لمساواتهم فيها بالقرآن الثابت عصمته في أنَّهم أحد الثقلين المخلَّفَين في الناس ، وفي الأمر بالتمسّك بهم كالتمسّك بالقرآن ، ولو كان الخطأ يقع منهم لما صحَّ الأمر بالتمسّك بهم الذي هو عبارة عن جعل أقوالهم وأفعالهم حجّةً ، وفي أنَّ المتمسِّك بهم لا يضلُّ كما لا يضلُّ المتمسِّك بالقرآن ، ولو وقع منهم الذنب أو الخطأ لكان المتمسِّك بهم يضلُّ ، وأنَّ في اتِّباعهم الهدى والنور كما في القرآن ، ولو لم يكونوا معصومين لكان في اتِّباعهم الضلال ، وأنَّهم حبل ممدود من السماء إلى الأرض كالقرآن ، وهو كنايةٌ عن أنَّهم واسطة بين الله تعالى وبين خلقه ، وأنَّ أقوالهم عن الله تعالى ، ولو لم يكونوا معصومين لم يكونوا كذلك ، وفي أنَّهم لن يفارقوا القرآن ولن يفارقهم مدّة عمر الدنيا ، ولو أخطأوا أو أذنبوا لفارقوا القرآن وفارقهم ، وفي عدم جواز مفارقتهم بتقدّمٍ عليهم بجعل نفسه إماماً لهم أو تقصير عنهم وائتمام بغيرهم ، كما لا يجوز التقدّم على القرآن بالإفتاء بغير ما فيه أو التقصير عنه باتِّباع أقوال مخالفيه ، وفي عدم جواز تعليمهم وردِّ أقوالهم ، ولو كانوا يجهلون شيئاً لوجب تعليمهم ولم يُنهَ عن ردِّ قولهم.
ودلّت هذه الأحاديث أيضاً على أنَّ منهم من هذه صفته في كلِّ عصر وزمانٍ ، بدليل قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنَّهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض» ، وأنَّ اللطيف الخبير أخبره بذلك ، وورود الحوض كناية عن انقضاء عمر الدنيا ، فلو خلا زمانٌ من أحدهما لم يصدق أنَّهما لن يفترقا حتى يردا عليه الحوض.
__________________
(١) إنّي تارك فيكم الثقلين أو الخليفتين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي». (المؤلف)
(٢) صحيح مسلم : ٥ / ٢٦ ـ ٢٧ ح ٣٦ ـ ٣٧ كتاب فضائل الصحابة.
(٣) مسند أحمد : ٣ / ٣٨٨ ، ٣٩٣ ح ١٠٧٢٠ ، ١٠٧٤٧ و ٥ / ٤٩٢ ح ١٨٧٨٠ و ٦ / ٢٣٢ ح ٢١٠٦٨.