بالبصرة ، ودفن من الغد في تربة اشتريت له بشارع المربد. قال ولده أبو عليّ في نشوار المحاضرة (١)) : وفيما شاهدناه من صحّة أحكام النجوم كفاية ، هذا أبي حوّل مولد نفسه في السنة التي مات فيها ، وقال لنا : هذه سنة قطع على مذهب المنجّمين. وكتب بذلك إلى بغداد إلى أبي الحسن البهلول القاضي ـ صهره ـ ينعى نفسه ويوصيه.
فلما اعتلّ أدنى علّة وقبل أن تستحكم علّته أخرج التحويل ونظر فيه طويلاً ، وأنا حاضرٌ ، فبكى ثمّ أطبقه ، واستدعى كاتبه ، وأملى عليه وصيّته التي مات عنها ، وأشهد فيها من يومه.
فجاءه أبو القاسم غلام زُحل المنجِّم ، فأخذ يطيّب نفسه ، ويورد عليه شكوكاً. فقال له : يا أبا القاسم لستَ ممّن يخفى هذا عليه فأنسبك إلى غلط ، ولا أنا ممّن يجوز عليه هذا فتستغفلني ، وجلس فوافقه على الموضع الذي خافه وأنا حاضرٌ.
ثمّ قال له أبي : دعني من هذا ، بيننا شكّ في أنّه إذا كان يوم الثلاثاء العصر لسبع بقين من الشهر فهو ساعة قطع (٢)) عندهم؟ فأمسك أب والقاسم غلام زُحل لأنّه كان خادماً لأبي ، وبكى طويلاً ، وقال : يا غلام الطست ، فجاءه به ، فغسل التحويل ، وقطّعه ، وودّع أبا القاسم توديع مفارق. فلمّا كان في ذلك اليوم العصر مات كما قال.
أخذنا ترجمته (٣) من : يتيمة الدهر (٢ / ٣٠٩) ، نشوار المحاضرة ، تاريخ الخطيب
__________________
(١) نشوار المحاضرة : ٢ / ٣٢٩.
(٢) المقصود به القطع عند المنجّمين ، وهو قطع خطّ الحياة بحادث يعرض للحيّ.
(٣) يتيمة الدهر : ٢ / ٣٩٣ ، وفيات الأعيان : ٣ / ٣٦٦ رقم ٤٦٥ ، الأنساب : ١ / ٤٨٥ ، فوات الوفيات : ٣ / ٦٠ رقم ٣٤٨ ، الكامل في التاريخ : ٥ / ٣٠٥ حوادث سنة ٣٤٢ ه ، البداية والنهاية : ١١ / ٢٥٧ حوادث سنة ٣٤٢ ه ، لسان الميزان : ٤ / ٢٩٥ رقم ٥٩٠٩ ، معاهد التنصيص : ٢ / ١١ رقم ٧٥ ، شذرات الذهب : ٤ / ٢٢٧ حوادث سنة ٣٤٢ ه ، مجالس المؤمنين : ١ / ٥٤١ ، مطلع البدور : ص ١٣٦ ، الحدائق الورديّة : ٢ / ٢١١ ، نسمة السحر : مج ٨ / ج ٢ / ٣٦٩ ، روضات الجنّات : ٥ / ٢١٦ رقم ٤٨٩.