معناه من الأحاديث الكثيرة الصحاح (١) ، وهل النكر الذي حسبه ابن كثير في إسناده إلى قائله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهو لا يفتأ يشيد بأمثال هذا الذكر الحكيم؟ أم في المقول فيه صلوات الله عليه فيراه غير لائق بمثل هذه الكلمة؟ إذن فما ذا يصنع ابن كثير بأمثالها المتكثِّرة التي ملأت بين المشرق والمغرب ، وهي لا تُدفع بغمز في إسنادٍ أو بوقيعةٍ في دلالة؟
وهل سمعت أذناك من محدِّثٍ دينيٍّ ردَّ ما أخرجه أئمّة الحديث في الصحاح والمسانيد ، وفي مقدَّمها الصحيحان إذا تفرّد به شيعيٌّ؟ وما ذنب الشيعي إذا كان ثقةً عند أئمّة الحديث كالأجلح؟ فقد وثّقه مثل ابن معين (٢).
والحديث أخرجه (٣) أحمد في المسند (٥ / ٣٥٥) بالإسناد المذكور ، والترمذي باختصار ، والنسائي في الخصائص (ص ٢٤) ، وابن أبي شيبة كما في كنز العمّال (٦ / ١٥٤) ، ومحبّ الدين الطبري في الرياض النضرة (٢ / ١٧١) ، والحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد (٩ / ١٢٨) وغيرهم ، وإسناد أحمد المذكور صحيح ، رجاله رجال الصحيح إلاّ الأجلح ، وهو ثقة كما سمعت.
وقول الرجل : والمحفوظ في هذا رواية أحمد. يكشف عن قصور باعه في الحديث ، وحسبانه الحديثين واحداً لانتهاء سندهما إلى بريدة ، وإفادة كليهما الولاية ، وعدم معرفته بأنّ حديث ـ لا تقع ـ قضيّةٌ في واقعة شخصيّة لدة قصّة عمران بن الحصين المذكورة (ص ٢١٥). وأمّا «من كنت مولاه» فهو لفظ حديث الغدير العامّ ، وليس هو محفوظ هذه القضيّة ، كما لا يخفى على النابه البصير.
__________________
(١) راجع حديث الغدير في الجزء الأوّل من كتابنا ، وفي هذا الجزء : ص ٢١٥ ، ٢١٦. (المؤلف)
(٢) التاريخ : ٣ / ٢٧٠ رقم ١٢٧٦.
(٣) مسند أحمد : ٦ / ٤٨٩ ح ٢٢٥٠٣ ، سنن الترمذي : ٥ / ٥٩١ ح ٣٧١٢ ، خصائص أمير المؤمنين : ص ١١٠ ح ٩٠ ، وفي السنن الكبرى : ٥ / ١٣٣ ح ٨٤٧٥ ، المصنّف : ١٢ / ٨٠ ح ١٢١٧٠ ، كنز العمّال : ١١ / ٦٠٨ ح ٣٢٩٤٢ ، الرياض النضرة : ٣ / ١١٥.