الجواب : ما عشت أراك الدهر عجباً.
ليت شعري متى احتاج إيمان عليّ وعدالته إلى البرهنة؟! ومتى كفر هو حتى يؤمن؟ وهل كان في بدء الإسلام للنبيِّ أخ ومؤازر غيره؟
على حين أنَّ من سمّاهم لم يسلموا بعدُ ، وهل قام الإسلام إلاّ بسيفه وسنانه؟ وهل هزمت جيوش الشرك إلاّ صولته وجولته؟ وهل هتك ستور الشبه والإلحاد غير بيانه وبرهانه؟ وهل طهّر الله الكعبة ـ البيت الحرام ـ من دنس الأوثان إلاّ بيده الكريمة؟ وهل طهّر الله في القرآن الكريم بيتاً عن الرجس غير بيت هو سيد أهله بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟ وهل كان أحد نفس رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم غيره بنصّ الذكر الحكيم؟ وهل أحد شرى نفسه ابتغاء مرضاة الله ليلة المبيت غيره؟ وهل أحد من المؤمنين أولى بهم من أنفسهم كرسول الله غيره؟ لاها الله.
إنّ أحاديث الشيعة في كلِّ هذه متواترة ، وهي التي ألزمتهم بالإخبات إلى هذه المآثر كلّها ، غير أنَّهم إذا خاصموا غيرهم احتجّوا بأحاديث أهل السنّة ، لأنّ الحجّة يجب أن تكون ملزمةً للخصم من دون حاجة لهم إليها في مقام الثبوت ، وهذا طريق الحجاج المطّرد لا ما يراه علماء القوم ؛ فإنّهم بأسرهم يحتجّون في كلِّ موضوع بكتب أعلامهم وأحاديثهم ، وهذا خروج عن أصول الحجاج والمناظرة.
وليتني أدري ما الملازمة بين إيمان عليٍّ وعدالته وإيمان من ذكرهم ، هل يحسبهم وعليّا أمير المؤمنين نفساً واحدة لا يُتصوّر التبعيض فيها؟ أو يزعم أنَّ روحاً واحدة سرت في الجميع فأخذت بمفعولها من إيمان وكفر؟ وهل خفيت هذه الملازمة المخترعة ـ وليدة ابن تيميّة ـ على الصحابة والتابعين الشيعيِّين ، وبعدهم على أئمّة الشيعة وعلمائهم وأعلامهم في القرون الخالية في حجاجهم ومناشداتهم ومناظراتهم المذهبية المتكثرة في الأندية والمجتمعات؟ أو ذهل عنها مخالفوهم في الذبِّ عنهم والمدافعة عن مبدئهم؟