المؤمنين بعليّ عليهالسلام ، كما مرَّ الايعاز إليه في الجزء الثاني صفحة (٥٢) وسيوافيك حديثه مفصّلاً بُعيد هذا.
وفي آية كريمة أخرى جعل المولى سبحانه بولايته كمال الدين ، بقوله : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً). ولا معنى لذلك إلاّ كونها أصلاً من أصول الدين لولاها بقي الدين مخدجاً (١) ، ونعم الله على عباده ناقصة ، وبها تمام الإسلام الذي رضيه ربّ المسلمين لهم ديناً.
وجعل هذه الولاية بحيث إذا لم تُبلَّغ كان الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ما بلّغ رسالته ، فقال : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ). ولعلّك تزداد بصيرةً فيما قلناه لو راجعت الأحاديث الواردة من عشرات الطرق في الآيات الثلاث ، كما فصّلناها في الجزء الأوّل (ص ٢١٤ ـ ٢٢٣ و ٢٣٠ ـ ٢٣٨) وفي هذا الجزء.
وبمقربة من هذه كلّها ما مرَّ في الجزء الثاني (ص ٣٠١ ، ٣٠٢) من إناطة الأعمال كلّها بصحّة الولاية ، وقد أُخذت شرطاً فيها ، وهذا هو معنى الأصل ، كما أنَّه كذلك بالنسبة إلى التوحيد والنبوّة ، وليس في فروع الدين حكمٌ هو هكذا.
ولعلَّ هذا الذي ذكرناه كان مسلّماً عند الصحابة الأوّلين ، ولذلك يقول عمر بن الخطّاب لمّا جاءه رجلان يتخاصمان عنده : هذا مولاي ومولى كلِّ مؤمن ، ومن لم يكن مولاه فليس بمؤمن. راجع الجزء الأوّل صفحة (٣٨٢).
وستوافيك في هذا الجزء زرافةٌ من الأحاديث المستفيضة الدالّة على أنَّ بغضه ـ صلوات الله عليه ـ سمة النفاق وشارة الإلحاد ، ولولاه عليهالسلام لما عُرف المؤمنون بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولا يبغضه أحد إلاّ وهو خارجٌ من الإيمان ، فهي تدلّ على تنكّب الحائد عن الولاية عن سويِّ الصراط كمن حاد عن التوحيد والنبوّة ، فلترتّب كثير
__________________
(١) مخدج : ناقص.