أيحسب عراقيٌّ حاسّ أنّ في طيِّ هذه الكتب صلاحاً لمجتمع العراق؟ أو حياةً لروح أبنائها؟ أو درس أخلاق لأمّتها ، أو رقيّا وتقدّماً لشعبها؟ أو ثقافةً لرجالها؟ أو علماً لطلاّبها؟ أو أدباً لكتّابها؟ أو ديناً لمسلميها؟ أو مادّة لمثريها؟ أو لها دخلٌ في سياسة حكومتها الإسلامية المحبوبة؟
فواجب المسلم الصادق في دعواه ، الحافظ لشرفه وعزّ نِحلته ، رفض أمثال هذه الكتب المبهرجة ، ولفظها بلسان الحقيقة ، والكفُّ عن اقتنائها وقراءتها ، وتجنّب الاعتقاد والتصديق بما فيها ، والبعد عن الأخذ والبخوع بما بين دفوفه ، والإخبات إلى ما فيها قبل أن يعرضها إلى نظارة التنقيب ، وصيارفة النقد والإصلاح ، أو النظر إليها بعين التنقيب وإردافها بالردِّ والمناقشة فيها إن كان من أهلها. (وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ما يُوعَظُونَ بِهِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً) (١).
وواجب رجال الدعاية والنشر في الحكومات الإسلاميّة عرض كلِّ تأليفٍ مذهبيٍّ حول أيِّ فرقة من فرق الإسلام إلى أصولها ومبادئها الصحيحة المؤلّفة بيد رجالها ومشايخها ، والمنع عمّا يضادُّها ويخالفها ، إذ هم عيون الأمّة على ودائع العلم والدين ، وحفظة ناموس الإسلام ، وحرسة عُرى العروبة ، إن عقلوا صالحهم ، وعليهم قطع جذوم الفساد قبل أن يؤجّج المفسد نار الشحناء في الملأ ثمّ يعتذر بعدم الاطّلاع وقلّة المصادر عنده ، كما فعل أحمد أمين بعد نشر كتابه فجر الإسلام في ملأ من قومه ، والإنسان على نفسه بصيرةٌ ولو ألقى معاذيره ، ولا عذر لأيّ أحد في القعود عن واجبه الدينيّ الاجتماعيّ. (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (٢).
ونحن نرحّب بكتاب كلّ مذهب وتأليف كلّ ملّة أُلّف بيد الصدق والأمانة ، بيد
__________________
(١) النساء : ٦٦.
(٢) آل عمران : ١٠٤.