مجاراته إحدى دواعيه إلى الهجاء ، ومات دعبل وابن الرومي في الخامسة والعشرين ، ولا نعلم أنّهما تعارفا أو كان بينهما لقاء.
وأمّا البحتري وأبو عثمان الناجم فالثابت أنّ ابن الرومي كان على معرفة وصحبة معهما ، عرف البحتري في بيت الناجم ، وكان هذا صديقاً له بقي على صداقته إلى يوم موته.
قال الأميني : لابن الرومي قصيدة في البحتري وأدبه وشعره ، توجد منها أبيات في ثمار القلوب للثعالبي (١) (ص ٢٠٠ و ٣٤٢).
وأمّا عليّ بن الجهم المتوفّى (٢٤٩) فقد كان بينه وبين ابن الرومي برزخ واسع من اختلاف المذهب في الدين والشعر ، فابن الرومي متشيّع ، وابن الجهم ناصب يذمُّ عليّا وآله ، ولا يلتقي الشيعي والناصب كما يقول ابن الرومي. وكان ابن الجهم شديد النقمة على المعتزلة وعلى أهل العدل والتوحيد منهم خاصّة ، يهجوهم ويدسُّ لهم ، ويقول في زعيمهم أحمد بن أبي دؤاد :
ما هذه البدعُ التي سمّيتَها |
|
بالجهل منك العدلَ والتوحيدا (٢) |
وابن الرومي كما مرّ بك من هذه الجماعة ، فمذهبه في الدين ينفّره من ابن الجهم ولا يرغّبه في مجاراته ولو تشابها فيما عدا ذلك من المزاج والنزعة. لقد يهون هذا الفارق ويسهل على ابن الرومي الإغضاء عنه ، وهو ناشئٌ يتلمّس القدوة ، ويخطو في سبيل الشهرة ، ولكنّك تقرأ شعر ابن الجهم في فخره ومزاحه فيخيّل إليك أنَّك تقرأ كلام جنديٍّ يتنفّج أو يعربد لخلوّه من كلِّ عاطفة غير عواطف الجند الذين يقضون أوقاتهم بين الفخر والضجيج واللهو والسكر ، وليس بين هذه الطبيعة وطبيعة ابن الرومي مسرب للقدوة أو للمقاربة في الميل والإحساس.
__________________
(١) ثمار القلوب : ص ٢٥٠ رقم ٣٤١ ، ص ٤٣١ رقم ٦٩٠.
(٢) ديوان عليّ بن الجهم : ص ١٢٥.