أي لغيرك ، فهذه بمعنى غير ، وهي أيضا غير ظرف ، وتقدير الخليل لها بالظرف في الاستثناء بمعنى مكان وبدل لا يخرجها عن أن تكون بمعنى غير ، وفيها لغات ، إذا فتحت مدّت لا غير ، وإذا ضمت قصرت لا غير ، وإذا كسرت جاز المدّ والقصر أكثر ، وما يحمل المتكلم بالقول الهراء إلا فشوّ الجهل ، وكتب موهوب بن أحمد.
قال ابن الشجري : نسخة جوابي : الجواب والله سبحانه الموفق للصواب :
إنّ ضمة اللام في قولنا : «يا أيّها الرجل» ضمة إعراب ، لأنّ ضمة المنادى المفرد المعرفة لها باطّرادها منزلة بين منزلتين ، فليست كضمة حيث لأنّ ضمة حيث غير مطردة ، وذلك لعدم اطراد العلة التي أوجبتها ، ولا كضمة زيد في نحو : «خرج زيد» ، لأنّ هذه حدثت بعامل لفظيّ ، ولو ساغ أن توصف «حيث» لم يجز وصفها بمرفوع حملا على لفظها ، لأنّ ضمتها غير مطردة ولا حادثة عن عامل ، ولمّا اطّردت الضمة في قولنا : يا زيد ، يا عمرو ، وكذلك اطردت في النكرات المقصودة قصدها ، نحو يا رجل ، يا غلام إلى ما لا يحصى كثرة ، تنزّل الاطّراد فيها منزلة العامل المعنوي الرافع للمبتدأ من حيث اطردت الرفعة في كل اسم ابتدئ به مجردا من عامل لفظي وجيء له بخبر ، كقولك : «زيد منطلق» «عمرو ذاهب» إلى ما لا يدركه الإحصاء ، فلمّا استمرّت ضمة المنادى في معطم الأسماء كما استمرت في الأسماء المعربة الضمة الحادثة عن الابتداء شبهتها العرب بضمة المبتدأ ، فأتبعتها ضمة الإعراب في صفة المنادى في نحو : «يا زيد الطويل» ، وجمع بينهما أيضا أنّ الاطّراد معنى كما أنّ الابتداء معنى ، ومن شأن العرب أن تحمل الشيء على الشيء مع حصول أدنى تناسب بينهما ، وحتى إنهم قد حملوا أشياء على نقائضها ، ألا ترى أنّهم قد أتبعوا حركة الإعراب حركة البناء في قراءة من قرأ (الْحَمْدُ لِلَّهِ) [الفاتحة : ٢] بكسر الدال ، وكذلك أتبعوا حركة البناء حركة الإعراب في قراءة من قرأ «الحمد لله» بضم اللام ، وكذلك أتبعوا حركة البناء حركة الإعراب في نحو «يا زيد بن عمرو» في قول من فتح الدال من زيد؟ وقد كان شافهني هذا المتعدّي طوره بهذا الهراء الذي ابتدعه والهذاء الذي اختلقه واخترعه ، فقلت له : إنّ ضمة المنادى لها منزلة بين منزلتين ، فقال منكرا لذلك : ما معنى المنزلة بين المنزلتين؟ فجهل معنى هذا القول ، ولم يحسّ بأنّ هذا الوصف يتناول أشياء كثيرة من العربية ، كهمزة بين بين التي هي بين الهمزة والألف أو الهمزة والياء أو الهمزة والواو ، وكألف الإمالة التي هي بين ألف التفخيم والياء ، وكالصاد المشربة صوت الزاي ، وكالقاف التي بين القاف الخالصة والكاف.