الصَّلاةِ) [الأنبياء : ٧٣] و [النور : ٣٧] ، وأصله : وإقامة الصلاة ، والإضافة مجوّزة لحذف التاء ، كما توجب حذف النون والتنوين ، نصّ على ذلك غير واحد من القراء.
الثالث : أنه إنما جاز لمناسبة قوله : فتور ، ألا ترى أنّ فتورا فعول ، وفعول يستوي فيه المذكر والمؤنث؟
الحادي عشر : أنهم يقولون : «فلانة قريب من كذا» يفرقون بذلك بين قريب من قرب النّسب وقريب من قرب المسافة ، فإذا قالوا : هذه قريبة من فلان ، فمعناه قرب المسافة ، وإذا قالوا : قريب فمعناه من القرابة.
وهذا القول عندي باطل لأنّه مبنيّ على أنّه يقال في القرب النسبي «فلان قريبي» ، وقد نص الناس على أنّ ذلك خطأ ، وأنّ الصواب أن يقال : فلان ذو قرابتي ، كما قال : [البسيط]
٤٦٧ ـ يبكي الغريب عليه ليس يعرفه |
|
وذو قرابته في الحيّ مسرور |
الثاني عشر : أن هذا من تأويل المؤنث بمذكر موافق في المعنى ، واختلف هؤلاء ، فمنهم من يقدّر : إنّ إحسان الله قريب ، ومنهم من يقدّر : لطف الله قريب ، ومن مجيء ذلك في العربية قول الشاعر (٢) : [الطويل]
أرى رجلا منهم أسيفا كأنّما |
|
يضمّ إلى كشحيه كفّا مخضّبا |
فأوّل الكفّ على معنى العضو ، وهذا الوجه باطل ، لأنّه إنّما يقع هذا في الشعر ، وقد قدّمنا أنّه لا يقال : موعظة حسن ، وإنّما يقال كما قال سبحانه : (وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ) [النحل : ١٢٥] ، هذا مع أنّ الموعظة بمنزلة الوعظ في المعنى ، وهذا يقاربه في اللفظ ، وأمّا البيت الذي أنشدوه قنصّ النحاة على أنّه ضرورة شعر ، وما هذه سبيله لا يخرّج عليه كتاب الله تعالى.
الثالث عشر : أنّ المراد بالرحمة هنا المطر ، والمطر مذكر ، وهذا القول يؤيّده عندي ما نتلوه من قوله سبحانه : (وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ) [الأعراف : ٥٧] ، وهذه الرحمة هي المطر ، فهذا تأنيث معنوي ، إلّا أنّه قد يعترض عليه من أوجه :
__________________
٤٦٧ ـ الشاهد لعثير بن لبيد العذري أو لحريث بن جبلة العذري أو لرجل من أهل نجد في لسان العرب (دهر) ، ولعثير بن لبيد العذري أو لحريث بن جبلة العذري أو لأبي عيينة المهلبي في تاج العروس (دهر).
(١) مرّ الشاهد رقم (٤٤٧).