محمد اللبنانى وهو من أصحاب الكرامات واتجه بالخطاب إلى إمام الباشا وسط حشد من الناس قائلا : «يا إمام الوزير إنزل بالعجل إلى مصر ، روح إلى الروم بالسلامة» ثم انزوى هذا الدرويش أسفل العمود الذى اعتكف تحته منذ سبع وأربعين سنة وكل من سمع هذا من قوله قال : انزل يا إمام انزل.
فمنهم من ظن أن الإمام سيموت ، ومنهم من ظن أن المحفل الذى يجلس فيه سوف ينهار.
فخاف الإمام ونزل أما أنا فلم أحرك ساكنا قط ولبثت فى مكانى رابط الجأش.
وفى اليوم السابع خلع أحمد باشا الدفتردار وإمامه وعمت الثورة القاهرة. ولعل هذا كانت نبوءة الشيخ اللبنانى.
أى أن تكية عمر بن الفارض تلك بها العديد من أصحاب الكرامات ممن لا سبيل إلى امتداحهم أو وصفهم. وهذه التكية زاوية اعتكاف أهل الحال ممن يتحدثون بالتخاطر ويصلون إلى هذه المرتبة بالرياضات والمجاهدات. إنهم صوامون يفطرون مرة فى الأسبوع وهم أناس أطهار أبرار.
وأثناء مقامى فى القاهرة (فى كل يوم جمعة عقب الصلاة رأيتهم يقيمون شعائرهم) ويحتشد آلاف من الناس وكنت فى ذلك اليوم بالذات ألتقى بهذه الطائفة الخاصة وكم شاهدت لبعضهم من كرامات. وطيلة إقامتى فى القاهرة لم أتخلف عنهم قط فى يوم جمعة ، لأنى كنت أكتسب من ذلك صفاء الروح وأقف على مختلف أسرار أحوالهم.
وفى يوم الجمعة فى تلك التكية تنشد القصيدة «التائية» لعمر بن الفارض ، وعندئذ يغيب المتصوفة فى نشوة الوجد ويضربون الأعمدة برءوسهم فلا يصيبهم من ذلك أذى بإذن الله. ويتبارى العديد من أصحاب الصوت الرخيم فى تلاوة العشر الشريف وقصائد مدح الرسول (صلىاللهعليهوسلم).
إنها تكية يستجاب فيها الدعاء والمولد المقام فيها مولد يحضره جميع المتصوفة.