بناء على تعاليم حماه الكاهن قليمون ، وبنى سبعمائة مدينة محصنة بالأسوار ، وبيظر هو أول من شق الخلجان والأذرع من نهر النيل على أرض مصر بحساب الهندسة ، وقد توفى بيظر والحكيم قليمون بعد السنة السادسة بعد ثمانمائة وألف بعد الطوفان ودفنا فى الهرم الواقع فى الجهة الغربية لهضبة الأهرام ، وهما أيضا أول من دفنا فى مصر بعد الطوفان ، وأصبح ابنه مصرايم حاكما مكان أبيه وهو الذى قام ببناء مصر القديمة لذا سموها مصر على اسمه ، واتخذ مصرايم مدينة منوف عاصمة له مثل والده وعمرها أكثر مما كانت.
بعد ذلك تولى عرش مصر دلوكه بنت زيباك ، وكانت منوف فى عهدها عامرة للغاية حيث بنت قلعة لم يبنى مثلها فى ذلك الوقت ، كان لهذه القلعة سبعون بابا ، وقد صفّحت كل الآثار بالرصاص والحديد والنحاس ، وأصبحت دلوكه هذه ملكة على مصر بعد أن ظلت زوجة لفرعون عشرين عاما ، واتخذت من مدينة منوف عاصمة لها ، وقد تزينت المدينة فى عهدها إلى أقصى درجة حتى أن كل الأسطح والأسقف كانت مغطاة بالفضة الخالصة ، وكل زجاجها من النجف والزجاج والبللور ، وبعد استشهاد يحيى ـ عليهالسلام ـ أى قبل ميلاد الإسكندر بمائة وعشرين عاما خرج بخت النصر (١) من مدينة الموصل ، وضرب مدن الشام والقدس ومصر ومدينة منوف عاصمة مصر وحوّلها إلى تراب ، وأحرق بنى إسرائيل وبذلك انتقم بخت النصر لدم يحيى ـ عليهالسلام ـ نظم :
خرّب بخت النصر مصر |
|
فلم يبق بها إيوان أو قصر |
وبأرض جزيرة الغربية كشوفية أخرى هى كشوفية منوف ، التزامها مائة وسبعون كيسا ، كان حاكمها ميرزا الكاشف يشتهر بالشجاعة والصلاح حيث كان حاكما على منوف وخمسمائة ناحية تابعة بها ، وتحت إمرته ألف جندى من جنود الفرقة السابعة من جند مصر ، كانوا يحصّلون الأموال الأميرية له ويقدمون كل عام مائة كيس من العملات المصرية ، وهى أعلى حكومة ، كما يتحصل لكل الملتزمين مائة حمل من العملات
__________________
(١) هو بختنصر ، والخبر فى المعارف لابن قتيبة ٤٦ ـ ٤٧ وغيره.