والشيخ شمس الدين من الزهاد عاش تلك الفترة كلها يحافظ على صيام داود ولم يتناول خلال المائة وستة وثلاثين سنة أى لحوم قط ولم يأكل خبز القمح بل كان يزرع الشعير فى فدان أرض كان يمتلكه ويحصده بيده ويطحنه بيده على مطحنة يدوية ويأكل منه ، كان من أهل الحال قضى عمره كله منزويا فى ركن من أركان الوحدة منشغلا بالتعبد والطاعة ، وكان الشيخ شمس الدين يمنح كل شخص يأتى إليه رغيف خبز من الشعير تبركا وتيمنا وكان الرغيف الواحد بعشرين درهما ، وعندما ذهب الحقير إليه أعطى له أربعة أرغفة فتناول الحقير واحدا والشيخ الشناوى ثلاثة لبقية الحاضرين بالمجلس لكل شخص واحد أو اثنين ، وقال الشيخ للحضور : يا إخوان إن لنا صلاة قضاء دين علينا لم نصلها منذ عهد طفولتنا ، إن شاء الله غدا وفى مولد جدنا الشيخ أبو الريش تأخذونى إلى المولد وليصلى معى ثلاثمائة شخص صلاة القضاء وهذه هى كل أموالى وهى حلال وهى ألف أقچة ولتكن عند الشيخ الشناوى لأنه رجل يعتمد عليه.
ثم قام الشيخ بتسليم ألف أقچة إلى الشيخ الشناوى وقال للحضور يا إخوان لتأتوا جميعا غدا صباحا ولنتجمع كلنا ثم نذهب إلى مولد جدنا ونحن نذكر الله ، فرد عليه كل الحضور بالمجلس : على الرأس والعين السمع والطاعة ، ثم ذهبوا إلى منازلهم ، وفى صباح اليوم التالى ذهب الحقير والشيخ الشناوى إلى منزل الشيخ شمس الدين ولكن الشيخ لم يخرج من الحرملك ، وأرسل لنا مع أهل البيت القهوة وخبز شعير وبينما كنا نتناول الخبز والقهوة سمعنا أصوات نحيب وعويل من الحرملك ، يا لهذا الفزع والجزع وقد خرج علينا الشيخ من الحرم بصعوبة بالغة وقد احمرت عيناه وكان العرق يتصبب منه ألقى علينا السلام فرددنا عليهالسلام وقال : ليس هذا ما يدعو إلى الانفعال أو الحيرة فإنى لما دخلت الحمام واغتسلت قلت لهم إنى ذاهب إلى جدى ظنوا أننى سوف أتركهم وأرحل عن الدنيا إلى الآخرة لذا فزعوا وجزعوا ، أما نحن الآن فسوف نذهب إلبى جدنا ونحتفل بمولده وسوف نصلى مع كل الأحباب صلاة القضاء ثم ابتسم