وأطلقوا علينا مدفعا فرّقنا ، وحاول الكفار أن يحرقوا السفينة إلا أنهم أخفقوا ، ثم قدم من الصحراء سبعمائة أو ثمانمائة لنهب السفينة ، فحملوا ما فى السفينة وانتشروا بما حملوا فى الجبال ودامت تلك الحال إلى وقت الغروب ، وبعد المغرب أنار الكفار القناديل فى سفنهم ، وأطلقوا المدافع حتى منتصف الليل ، كما أطلقوا بنادقهم ، وفى نصف الليل أحرق الكفار السفينة ، فحزن كل من فى المحلة لذلك حزنا شديدا ، وبعد ذلك تقهقرت صفوف المغيرين ، أما الجرحى من المغيرين فقطعت رءوسهم ووضعت ناحية ، وقد هلل المسلمون لذلك وكبروا ، ولكن الكفار أطلقوا النار على المسلمين فما أصيب منهم أحد وبعد مطلع الفجر اشتدت الرياح ، فبسط الكفار قلوع سفينتهم ونفخوا الأبواق ، وعادوا أدراجهم بعد ما خسروا خسائر فادحة وخشينا وأحجمنا عن السير مخافة أن نتعرض لنهب العربان فبحثنا عمن جاء لنا من دمياط بمدد ولو ثلاثمائة رجل وخمسة وسبعين قاربا صغيرا ، ولم تصب هذه القوارب بأى ثقب ولله الحمد وقد سر الناس جميعا بمقدم هذه القوارب ، وعبروا عن ذلك بإطلاق المدافع ، ومضوا إلى ميناء دمياط ، ومضينا إلى دمياط فى حمى من الجند ، وعبرنا نهر يمنى وهذا النهر يجرى إلى المحلة الكبرى ، إن نهر يمنى هذا نهر كبير مثل نهر النيل وهو يروى مئات المدن ، وفى هذه المحلة مصب النيل فى البحر الأبيض وتسير السفن فيه إلى حيث يخترق النيل بالقرب من سمنوط ونصف النيل يخلط ببحيرة البرلس بين البرلس ودمياط ، ثم يجرى فى الصحراء من هناك وبعد خمس ساعات وباتجاه دمياط بلدة تسمى :
السنانية
وهى تقع على شاطئ النيل ، وبها ثلاثمائة بيت معمور وثلاثة جوامع ومقهى ، وكان فيها قلعة على عهد الكفار ، وآثار ميادينها ظاهرة ، وهى من أوقاف سنان باشا ، وفيها أقام دلاور بك قصرا ، وجميع أهل دمياط يصطافون فيها.
وركبنا سفينة ، كما ركب الجند السفن وأطلقنا على أبراج الكفار بنادقنا وسررنا سرورا لا مزيد عليه ، وبلغنا الجمرك ، ودخلنا دمياط ، وكان اليوم عيد الأضحى ، وحررنا المحاضر وكتبت رسالة إلى والى مصر إبراهيم باشا.