وفى هذا الزمان كان بها سبعة وعشرون ألف بيت وأربعة عشر حماما ، وقد رأيت زواياها ، وحماماتها القديمة ، وحول هذه المدينة رأيت سورا له أبواب كأبواب القلاع ، وكان لهذه الأبواب حراس ليلا ونهارا لأن حولها فى الجانب الغربى كان يسكن مجرمون من العرب وكان هؤلاء العربان يسكنون فى المغارات ، ولهم حظائر لخيولهم وكان فيها يسكن قوم لوط وفى هذه المدينة كهوف دفن فيها بعض الموتى ، وفى هذه المدينة محلة للقبط ولا وجود لأحد من أديان أخرى إن هؤلاء يغدون ويروحون للتجارة ليس إلا ، وتوجد فيها كنيستان ، وجو هذه المدينة معتدل وفيها فتيان وفتيات يتسمون بالجمال ، إنهم جميعا يكرمون الغرباء ويحبونهم وهم من أهل التقوى ، والدكاكين فى هذه المدينة تقع فى شارع واسع ، ولا وجود لدكاكين فى طريق إلا فى الطريق العام ، وفيها سوق سلطانية مغطاة لدفع شدة الحر ، ولها الشهرة بالحرير الأبيض والمناشف والبن والغلات ومعظم الحرفيين فيها نساجون ، ويأتى إليها كثير من أهل المغرب ، ويحملون معهم أحمالا من الحرير والكتان ، ويحملونها إلى بلاد المغرب معهم.
بيان الضرائح التى فى هذه المدينة
فى الناحية الجنوبية لهذه المدينة ، مقبرتان كبيرتان منهما ما يسمونها الجبانة الكبرى ويصنع أهل هذه المدينة لموتاهم توابيت من الجص الأبيض ، ويكتبون عليها التاريخ ، ويزرعون حولها الأشجار ويبيت كثير من الفقراء فى هذه الجبانة ليدفعوا عنها الحيوانات ، وعلى الطريق العام يوجد كثير من السبل ، وآلاف القبور للصحابة الكرام ، ويشهد أهل المدينة على أنه عند محاصرتها استشهد سبعمائة من الصحابة الكرام وأبنائهم ذوى الاحترام وقبورهم معلومة للجميع ، وإذا ما كتبنا فى هذا طال بنا الكلام ، إنها قبور عظيمة وهى لهم ، وفى داخل المدينة قبر الشيخ اسكندر ، وجانب الجسر قبر الشيخ محمد المجذوب وبجواره الشيخ رودى ، وهم من السادات الكرام رحمة الله عليهم أجمعين ، ثم غادرنا أسيوط مع رفقائنا وعبرنا الجسر السلطانى الواقع فى الجهة الجنوبية ، ومضينا فى الصحراء.