وقدمها إلى ملك الهند ، ومضى إلى الحبشة فى أسطول وجعل على رأسه أوزدمر باشا وأمره أن يفتح الحبشة ومنها عاد إلى مصر ، ومن مصر خرج أوزدمر باشا فى جيش كموج البحر ففتح هذه المدينة ، وقلعة إبريم ، واستولى عليها ملك الفونجستان ، وفى هذا العصر ظلت هذه المدينة فى حوزة آل عثمان ، وهى تابعة لحكم جرجا وكاشف إبريم الآن مقيم بها ، ولكنها كانت تحت حكومة أخرى عند فتحها تحكمها ، وكان فيها منذ أربعين عاما فى حكم جرجه ثلاثمائة جندى وخمسمائة جندى من الفرق السبع ويتبعها جميع القرى وهى التزام يدر مالا وغلالا ، وكان يقوم بجمع المال والغلال ويقدمه لجنود القلعة والمستحفظين.
وهى قضاء يتحصل منه مائة وخمسون أقجة ، وبها مفتى على المذاهب الأربعة ونقيب أشراف ، ولكن ليس بها أعيان ، وعلى شاطئ النيل ألف ومائة بيت صغير ، ولا وجود فيها لقصور وأعلى الأبنية بها بيت قائد الفرق السبع والچورباجى وشكرباره خاتون والمصاحب على أغا وبيوت للحراس هنا وهناك ، وبها عشرون محرابا تؤدى فيها صلاة الجمعة علاوة على الزوايا ، وليس فى هذه المدينة خان ولا حمام ولا سوق للبز ، ولكن فيها ست مكاتب للصبيان وسبعة سبل وخمسة عشر دكانا وثلاث مقاه وستة حانات للبوزه ، لأن جو هذه البلدة مناسب ففى شدة الحر تطرب البوزه الجسم كما تدفع الجوع والعطش لشرّابها ويصنعون فيها بوزة الذرة كأنها ماء الورد ويشرب البوزه الكبار والصغار ، ولكن أكثرهم ضيق النفس وهم سمر البشرة لأن الحر فيها شديد ، ومأكولات ومشروبات هذه المدينة البوزه والذرة وماء النيل وشراب البلح وما سوى ذلك من مأكولات ومشروبات فيأتى إليها من جرجه ، وكانت هذه المدينة مدينة عظيمة فى قديم الأيام ، ولذلك فإن بها آثارا تدل على عظمتها ، وداخل وخارج هذه المدينة كثير من الضرائح ، لأولياء مشهورين وقد زرنا ضريح الشيخ (هو) ولأن هذه المدينة تابعة لولاية أزرق جادو ، فنساؤها يشتغلن بالسحر ويسحرن الرجل حمارا ، وقد ابتلى بهذا كثير من الرجال ، وقد سحرن حتى أحد متفرقة الباشا فإذا هو بين الرجال فى المقاهى وحانات البوزه حمار ، وقد مكثت فى قصر الكاشف يومين ، ثم مضيت لمجىء كاشف أبريم ، ومضيت جنوبا على شاطئ النيل فسرت لمدة ساعتين وبلغت قلعة إبريم القديمة.