هذا الباب من بلاد الحبشة ، وعلى عتبة هذا الباب صورة على الحجر الأسود لأبرهة ، وكأنه حى ولما دخلت هذه القلعة حيّيت بإطلاق طلقة من مدفع ، وقد رددت الجبال دوى طلقة ذلك المدفع التى حيّيت بها ، ومضوا بى إلى رئيس القلعة فجلست معه ولله أحمد أنى رأيت رجلا روميا ، وقال إن أعيان الولاية أكرموك ، وبعد ذلك قدمت إلى رئيس القلعة وقائد الفرق المصرية السبع كما قدمت إلى أعيان القلعة رسائل كاشف إبريم ، ورسائل حاكم جرجا ، وفرمانات الباشا فزادونى تعظيما إلى تعظيم ، ثم تجولت سيرا على الأقدام لأشاهد القلعة والمدينة ، ورئيس هذه القلعة هو من متفرقة مصر وله مائة وخمسون جنديا وثلاثمائة مستحفظ من فرق مصر السبع وفرقة موسيقية ، وفى كل عام تأتى مؤنتهم ورواتبهم من جرجه ، ولهم بارود أسود ومدافع ، وليس فى القلعة شيخ إسلام ولا نقيب للأشراف ، ولها قضاء يدر ستمائة أقجة. وبعض المحلات ألحقت بقضاء إبريم ، ويأتى نائب فى سفينة تحمل المؤن كل خمسة أشهر ، وفى القلعة خمسمائة بيت صغير من القصب والحصير ، كما أن بها جامع السلطان سليمان خان ، ومسجد أوزدمر ، وليس بها خان ولا حمام ولا مدارس ولا زوايا ولا مكاتب للصبيان ولا سبيل ، وفيها عشرة دكاكين وبها ثلاث مقاه وثمانى حانات للبوزه ، ولكن فيها بوزه مصفاة نقية وخارج القلعة مائة وخمسون بيتا من حصير ليس فيها حدائق ، ولكن فيها كثير من البساتين ، وفيها لذيذ من الشمام والبطيخ والخيار وعبد اللاوى وفيها نخيل هنا وهناك ، وفى هذه الولاية تنشعب من النيل ترع وفى الصحراء يقيم عرب حلفا وهم يزرعون الذرة والكيلة تنبت عندهم مائتى كيلة وتربتها خصبة ، وعرب حلفا هؤلاء قوم قبيحة وجوههم عابسون لا مذهب لهم وفى بعض الجهات يعلنون عصيانهم وتمردهم ، ويحاربون عسكر قلعة صاى.
وفى كل المواقع صحراء فيها الأسد والنمر والفيل ووحيد القرن والغزال وتيس الجبل والعقاب والثعبان وأنواع الحمر ، إنها مفعمة بالوحوش المخيفة حتى إنه يوجد داخل القلعة ثلاثة أسود وكل منها كان أسدا أسود له جئة الفيل ، وأنا لم أشاهد السباع ، وأثناء انحسار ماء النيل يعبره العرب بالجمال ، إلا أن ما فى جوانب القلعة الأربعة عميق ولا