ينزل بى من شدائد وبلاء ولكن لا بد من الذهاب فحملت خمسين هجينا بالمتاع ومعى اثنين من حاملى البنادق الشجعان ، وحملت أربعة جمال بالمؤن وهبنى أعيان القلعة ذلك كله ، وقد أوصى شيخ النخاسين فى بربرستان وتجار الفونج على ، وأنى من طرف الباشا أغا وإذا ما أصابنى سوء فسوف يكون ذلك وخيم العاقبة كما أنهم حذرونى من أن أثق فيهم وحذرونى من الغفلة حتى فى وقت أداء الصلاة فلا بد أن يكون حولى جنود للحراسة وأن يحملوا السلاح ليل نهار.
جاء فى جميع التواريخ العربية وتواريخ الصابئة أن مدينة صاى مدينة تقع فى حدود أسوان وبعد الطوفان أنشأها كاهن يسمى رهوان هندى وآثار أبنيتها ما زالت ماثلة للعيان ، وهذه الآثار تثير دهشة مشاهدها وكأنها ليست من عمل البشر ، وفى هذه المدينة مرآة صنعت من عدة معادن فمن قصد هذه المدينة من الأعداء أحرقتهم ، ومن أجل ذلك لم يغر على هذه المدينة أعداء بغاة طغاة.
مدح حديقة إرم رهوان الهندى
وبالقرب من هذه المدينة بجزيرة فى النيل حديقة تسمى حديقة رهوان هندى ، وكأنها جنة رضوان وقد نبت نباتها دون زرع ، وبه أشجار غريبة وثمار عجيبة وأطيار تغرد وفى السحر ترفع كل الطيور أصواتها الحزينة فيدخل السرور قلب الإنسان ، كما أن فيها حيوانات أليفة لا يعلم عددها إلا الله ، فيا عجبا لهذه الحكمة ، وكانت تابعة لأربعة حكماء اثنان منهم من ولاية بربرستان والآخران من ولاية الحبشة وبها أربعة ترع اثنان ماؤهما له مذاق التمر الهندى وماؤهما مفيد ومسهل للهضم : (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [البقرة : ٢٠]. وفى طرف مدينة صاى أحجار صفراء اللون مستديرة فى الجبال ويسمون الحجر منها عين الصنم وهى أحجار مصقولة مجلوة ويقولون إنها عيون أصنام رهوان الهندى. والعرب يضعون هذه الأحجار فى الماء ويشربونه وفى طرفة العين يسكرون وهؤلاء هم قوم كنوز ، ولكن على حد قول أهل هذه الديار فإن حجر عين الصنم موجود فى جبال مدينة تنيس فى الحبشة والبرتغاليون يشوبونه بالماء فيصير شرابا خاصا لهم ويقدمونه هدايا فى ولاياتهم ، إن شراب الذرة لا يتخمر ولكنه مسكر ، وقد