وشجر الأبنوس كأنها جبال مغمورة بالرمال ، وهى موجودة ولكن لا قيمة لها ، وحاكم هذه القلعة على بك ، وقد انطلق فى الطريق ومعه مؤنة يحملها ألف فيل وألفان من الجند أما العظمة لله ، أصبحنا عددا كبيرا وكان الجند من الزنوج يملأون الصحراء والسهل وقد سألنى الحاكم عما إذا كان قيصر الروم لديه هذا العدد من الجند فأجبته ليس لنا من الجمال ولا هذا العدد من الجند العراة ولكن لآل عثمان مدافع كالبحر ولهم عسكر يحملون البنادق وما نسميهم العسكر عراة أكبادهم محترقة يتناولون كسرة من الخبز ، وإنهم يمشون كأنهم قطعان من الحمير السود وإنهم غاية فى النحول والضعف ، إلى حد أن عظامهم تبدو من جلودهم ، ولكن حركتهم خفيفة ، وجيرانهم لا يأمنونهم وبلغنا صحراء دانقة.
منزل صحراء دانقه
إنها صحراء مترامية الأطراف وفيها كثير من النباتات ، وقد مكثنا فيها وأقاموا خيامهم فيها ، وفى وقت العصر ظهرت لنا آلاف من الأعلام فى الغرب واقتربوا من عسكرنا ببطء ، ولعلهم من بربرستان ومذهبهم هو المذهب الشافعى ، وقد مضى منهم أربعون ألف جندى مع مائة ألف جمل ليكونوا مددا لحسين خان وبدأوا فى السير من الصباح حتى الليل ، وقد مكث عسكرنا عند بحيرة وامتطينا صهوات جيادنا التى قدمها لنا صاحب القلعة ، كما استقبلنى ملك البربرستان ، وقد أكرمنا الملك بأن أتحفنا بشال أسود ، وخمس عشرة وسادة من الجلد وسجاجيد سود ولما استقبلناه وقف وعظمناه فقدموا إلينا لحوم الإبل والتمر وخبز الذرة ، وأمام خيمته أحرق النّفت والقطران ، وبعد الطعام لم يغسل يديه إنه رجل مكشوف الرأس وشعره عقائص وله خدام سمر البشرة سبحان الخلاق ثم أحضروا لنا حلوى التمر والشراب وقد شربنا الشراب فى كاسات من الخشب ، وقد عظمناه برفع أيدينا وبينما كنا نشرب سألنا عن أحوالنا ، فقلنا إننا قد أتينا من قبل وزير مصر إلى ملك فونجستان ، فقال لا يأتى من قبل وزير مصر إلى فونجستان ، رجل أبيض البشرة ، فقلنا لنصل إلى ملك فونجستان ، وعدنا إلى خيامنا ، وفى السحر قرعت الطبول ونمنا فى الصحراء يوما وليلة ، ومضينا بعيدا عن النيل ، وفى اليوم الثالث بلغنا شاطئ النيل ثانية ، وبلغنا قلعة واردان.