عبدة النار ، ومضيت إلى ما فى المدينة من المزارات ففى المقبرة ضريح الشيخ بن عيسى وعلى ضريحه يهبط فى ليالى الجمعة نور ، وفيها كذلك ضريح الشيخ أعوا كما أن هناك ضريح الشيخ أبو بكر والشيخ أبى القاسم.
وفى نفس المقبرة ضريح الشيخ بلبل والشيخ غلام الله ، وقد زرت هذه الضرائح وعند ما عدنا إلى بيتنا قدم علينا ملك بربرستان ، فشرفنا بزيارته لنا فمنحنا اثنى عشر جملا وفيلا أسود ، وعشرة من الجمالة ، وعشرين عبدا أسود ، وست نساء وشمعدان من الفضة ، وحقا كبيرا فيه حجر سيلان الثمين وكأن كل حجر منه ياقوت بدخشان ، كما منح كل خادم من خدامنا ثلاثة جمال ، وطلب المعذرة ، كما عين جنديا من جنود القلعة لحراستنا فى مسيرنا إلى فونجستان كما قدم إلينا وسادة مخططة وعمامتين وإزارين وقد رقصوا من فرط السرور لأنهم لم يجدوا مثل هذا فى بلاد الروم وقد تقبلنا هذا ، ثم مضى إلى قصره فأرسل لنا بعد ساعة خمس من العذارى الجميلات وحمل جملين من سن الفيل وقد أمر القاضى بأن يحمل هذه الهدايا إلى ملك الفونج ، وفى الصباح ودعنا الملك وعزمنا على الرحيل ، ومضينا على الضفة الشرقية للنيل ثمانى ساعات حتى بلغنا سور طوشى.
أوصاف سور طوشى
إنها قلعة فى جزيرة فى النيل فى الجانب الغربى من الجزيرة وقد سألت عن بانى هذه القلعة فما عرفوه ، وهى كذلك كقلعة دنقل لها ثلاثة أبواب ، ولكنها ليست قائمة على صخرة كقلعة دنقل ، إنها قلعة عظيمة مربعة الشكل ، إنها تحت حكم فونجستان وبداخلها بيوت للبربر وحولها حانة للبوزه ، وجوامع ولا عمران فيها غير ذلك ، ولحاكمها ثلاثة آلاف من الجند وسبعة آلاف من الرعايا البرابرة ، وكان أكثرهم معنا فى حربنا فى الفردانية ، وفى هذه الجزيرة كثير من التماسيح ، إنها تختطف الخراف والعجول والجمال وتجذبها إلى الماء فتغرقها ، إنها تماسيح أسوان اللعينة ، وطول الواحد منها من أربعين إلى خمسين ذراعا ، وسرنا على شاطئ النيل فى غاية القيظ لمدة ثمان ساعات.