وادى العفاريت
مكثنا فى صحراء مترامية الأرجاء وفيها من أشكال العفاريت كل عجيب وغريب ، إن هذه الأشكال الغريبة على ربوة مرتفعة فى ميدان واسع ، وفى جوانب هذا الميدان الأربعة كراسى ، وفى الجانب الغربى من هذا الميدان سبعة أعمدة ، وعلى ذروة هذه الأعمدة حجر كبير يصل بين هذه الأعمدة ويغطى هذه الأعمدة السبعة ، وهو يحمل فوق الأعمدة ، ويقوم على هذا الحجر تمثال لامرأة من النحاس الأصفر وإذا ما شاهدها إنسان انشقت مرارته وقد ارتفع رأسها ارتفاعا عظيما كما أن غدائرها منتشرة متفرقة ، وقد حدقت بعينها فى الشمس فكان لهما بريق شديد ، وفى حضنها طفل من النحاس الأصفر كذلك تجلسه على ركبتيها ، وكأنها تحتضنه ، يا له من تمثال عجيب يلقى الرعب فى القلوب إنها كبيرة الثديين وقد رفعت ذراعها اليمنى وهى تشير بها إلى الجانب الجنوبى من النيل بإحدى أصابعها ، والتمثال مصقول ، وكأنه من الذهب الخالص ، وأمام قدمى التمثال حوض عظيم وقد نحت فى الحجر الصلد مساحته عشر فى عشر ، وفى الإمكان أن تجرى فيه سفينة إنه عجيب المنظر ، وهذا التمثال الذى يقوم على الأعمدة من عجب أن تسيل دموع من الدم على ركبتيه ويجرى الماء من أظافرها كأنه مذاب منذ ألف عام ، وهذه الدموع الدامية إذا سقطت نزلت فى الحوض وأصبحت ماء بعد أن كانت دما أحمر ، والماء يتغير لونه فى هذا الحوض فى شهر تموز ويصبح طعمه كطعم الكبريت والمرضى يشربون منه مرة فى العام فيتم لهم الشفاء ، فيشفون من جميع الأخلاط التحتانية ويحمر وجه من يشربون من هذا الماء ، وبعد انقضاء شهر تموز يصبح ماء عذبا نميرا ، وقد أكب على هذا الماء من من معنا وشربوا منه لشدة القيظ حتى أفرغوا ما فى الحوض من الماء ، وقد شربت منه فنجانا ، حقا إنه ماء زلال وكفار البرتغال يملأون الجرار من هذا الماء فى مدينة زيلع ويقدمنها هدية ويحضرونها إلى الهند وأوربا ، ويسقون هذا الماء المصابين بالجذام ومرض الزهرى ، وهو نافع من هذين المرضين.
أما الأعمدة التى فى الجنوب فقد كتبت آيات شريفة ، والكتابة هى : (يُحْيِي هذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِها) [البقرة : ٢٥٩] ، ولم يكتب تحتها تاريخ ، وقد خطت علامة تحت هذه