الآية وفى الصباح شددنا الرحال ، وسرنا إحدى عشرة ساعة على ضفة النيل إلى الجنوب ، وكان القيظ غاية فى شدته.
وصف حصار كنيسه
على الضفة الغربية للنيل قلعة عظيمة كأنها سد يأجوج ، وبانيها هو أزرق جادو وليس فى مبناها جص إنها مبنية على الطراز القديم ، ولكنها حصينة إلى أبعد غاية ولها بابان أحدهما غربى والآخر ينفتح على النيل ، إنها مربعة الشكل ، وبداخلها مائتا بيت وجامع ، وخارجها ألف بيت وفيها سبعة جوامع وزاوية وأربعون حانة للبوزه وأسفل أبواب هذه القلعة قناطر عليها جلد تمساح ، والقوم هناك سمر البشرة من البربر وسبب تسمية هذه القلعة بالكنيسة أنه غرب هذه القلعة على مسيرة ثلاث ساعات بنى جامع يشبه الكنيسة لسليمان بن داود ، ومحرابه فى جهة الرياح الشمالية ويتجه إلى القدس الشريف ولهذا سميت هذه القلعة بهذا الاسم.
فى وصف الجامع القديم
بجانب هذا الجامع بحيرة عذبة الماء ، إذا ألقيت فيها جثة الميت سرت فيها الحياة ، وقد حكم سليمان الإنس والجن والوحوش والطيور ، ولما كانت تطير رأت فى طيرانها هذه البحيرة فسأل سليمان وزيره آصف عن هذه البحيرة فأجابه يا سليمان إن اسمها «قرجلائقه زيد درسان» ، وهى تعنى : بحيرة تخرج من باب الجنة ، فأمر نبىّ الله فى التو الريح بأن تنزل جميع مخلوقات الله ومكثوا فى هذا الوادى وتجولوا فى جوانبه الأربعة ، وشربوا من مائها العذب ، فكأنما ارتدت إليهم روحهم وأمر الشياطين بأن يقيموا له قصرا شامخا فى ذلك الموضع وجامعا عظيما ، فبنوا هذا الجامع الذى يعجز عن وصفه القلم واللسان ، وقد شرف هؤلاء القوم باعتناق الإسلام بعد الهجرة ، وولوا القبلة شطر المسجد الحرام بعد القدس.
وخلاصة القول أنه جامع منقطع النظير فى جماله ، وكأنما أنشأت يد القدرة أعمدته وجدرانه الأربعة ، وفى استانبول آيا صوفيا ذو القبة العالية من طابقين وست قباب