تهدمت أماكن فيها ، ويقول أهلها إن دنقلة جنتنا فى الدنيا فإن كان لنا جنة فهى جنتنا ولا حاجة لنا بالجنة ، إن جوها ليس بحار ولا بارد فكأنها إرم ذات العماد ، وفى الزمن الماضى كان من يشاهد أسواقها وقصورها الشامخة يأخذ منه العجب كل مأخذ ، وفيها غرائب وعجائب كأنها أسوان ، ولاعتدال هوائها فى بساتينها الليمون والسفرجل والتمر وأنواع شتى من الفاكهة ، وأهلها مع ضآلة جسمهم وسواد بشرتهم إلا أنهم فى صحة جيدة ، ولاعتدال جوها يلد نساؤهم وأنعامهم التوائم على الدوام ولكن شياههم تلد فى العام ثلاثة حملان إلا أنها غاية فى ضآلتها ، وفتياتها يبلغن مبلغ النساء فى سن العاشرة ، وتلد المرأة فى شهرها السابع والثامن ، وهم يزرعون الذرة ، ولهم كثير من البساتين والإبل والعجول ، ولا وجود فى أرضهم للمعادن ، ولديهم حمامات المياه الحارة ويأتى إليها أهل الممالك المحروسة ، ويدخلونها فتشفى أمراضهم فيصبحون كما ولدوا لذلك فالقوم فى أسوان وفونجستان وايلغون يتّسمون بالجمال ، وهذه المدينة تحت حكم ملك بربرستان ولكن زالت دولته فأصبحت تابعة للفونجستان ، ومضينا عن هذه المدينة وسرنا فى أرض كثيرة الأحجار والصخور جنوبا ، وبعد مضى ثمانى عشرة ساعة بلغنا مدينة قوثراى.
فى مدح مدينة قوثراى العظيمة
كانت هذه المدينة على الضفة الشرقية للنيل وقد ذاعت شهرة مبانيها فى الآفاق ولم يبق منها إلا سبعمائة بيت ، وجامع وثلاث شجرات للدوم ، وبعد أن سرنا إحدى عشرة ساعة بلغنا مدينة عدى.
مدينة عدىّ
إنها فى حكم الفونج وركبنا سفينة وعبرنا من الشرق إلى الغرب ، وشاهدنا مدينة عظيمة وكانت كذلك فى العصور القديمة ، ولقد تبقى من عمائرها القديمة بعض آثار.
ولقد كانت مدينة عدى تزدان بالقصور ، وفيها اليوم ألفا بيت للبربر ، إن أهلها على المذهب المالكى ومنهم على المذهب الجبرى ، وقد عمرها ملك الفونج ، إنهم قوم فيهم