وستمائة ألف من الرعايا ، وهو ملك على البرابرة ، وقد شرفت بلقائه ، وقد قدمت الغنائم التى أرسلها كور حسين وكانت فى موقعة فردانية ، وبعد السلام عليه سأل عن حسين خان ولقد نقلت الأنباء وسجدت شاكرا ، كما حملت له هدايا ملك البربرستان فسرّ لذلك كما أهدى إلىّ قارورة من الشراب المعطر ، وقميص وسراويل إلا أنه غاية فى البله ، وقد أتينا جرجيس خان فلما شاهدنا قام واختبأ فى ركن ونادى الترجمان فقال لى الترجمان (يقول جرجيس خان لماذا هؤلاء بيض البشرة هكذا لعلهم جاءوا يشتكون ممن بيض وجوههم لأنصفهم منه؟) وقد نقل إلى الترجمان هذه البلاهة ، فوقعت فى حيرة شديدة ، فندمت على تجولى فى بلد فيها ثمانية عشر ملكا وقرى لا حصر لها لأنى سمعت هذا الكلام ، ولكنى بدأت أتكلم فقلت للترجمان (نحن من عبيد سلطان مكة والمدينة وملك ملوك العرب والعجم والروم والقسطنطينية القيصرية السلطان محمد خان ، ونحن تحت حكمه ونسكن فوق ترابه وبأمر الله تعالى نعود إلى بلادنا ولذلك فوجوهنا بيض أما أنت وأنتم أولاد حام بن نوح فى بربرستان وفونجستان وسودان وبغه نسقستان وجزيرة مصر ، إنهم سود الوجوه والشعور والعيون ، فالله خلقكم سودا كما خلقنا بيضا ، وإلا فإن جلد وجوهنا إن سلخ فإنه سيسيل منه الدم ثم قلت إن الله تبارك وتعالى هو الذى بيض وجوهنا إنه على كل شىء قدير ، وقلت ما قلت واعظا ، وقد أخذ العجب كل مأخذ من ترجمان جرجيس خان واتجه بالخطاب إلى من بجانبه قائلا : (أرأيت قوما بهذه الغرّة ، زادك الله عمرا يا خان جرجيس لقد رأيت فى مصر كذلك بلهاء ، ففى هذه الديار تبدو الشمس فلا قيظ لديهم) فشرد عنى عقلى ، ونحمد الله على أنه لم يتحرك وهو ذاهب العقل ثم قام وقدم علىّ فقمت ووقفت ثابت القدم ، ولكن كنت أنظر إلى الخدم وهم مسلحون ، وقال لى «أى ثياب تلبس؟» وقال لى «حلّ سراويلك» ، وألح فى ذلك إلحاحا شديدا ، وقال : «فلتحل سراويلك لنشاهد إن كان جسدك مثل وجهك» ؛ فطاش صوابى وحسرت عن ذراعى ليشاهدهما ؛ إلا أنه لم يقنع بذلك وقال : «لا بد أن تحل حزامك» ؛ فكلفنى ما لا يطاق ، فامتلأت غضبا وخفت أن يطهونى فى الشمس ، فجعلت أصيح وأقول أنا من الروم ، وقد أتيت من دنقلة ، وكلهم لم يقنعوا بهذا وحلوا