الإفتاء أربعة على المذهب المالكى والحنبلى ، ولا وجود لمفتى على المذهب الحنفى ، ولهم نقيب أشراف ، ولأن بينهم سادات كرام ، فإنهم يحضرون على الدوام فى ديوان الملك ، ولكنهم لا يبدون رأيا فى الديوان ولا يلبسون ثياب الحرير ، والأعيان يلبسون القمصان والعمائم البيض والفقراء منهم يمشون حفاة الأقدام ، وإذا ما استحق شخص ما القتل تشاور الأعيان فى أمره إما قتله وإما تبرئته ، وإذا جاء النساء إلى الديوان فللملك حجرة متصلة بالديوان فيقفن وراء حاجز من القصب وهن يعرضن مظلمتهن وفى هذه البلاد يحرم على النساء أن يخرجن من بيوتهن وإذا كنّ سبعا أو ثمانى فلهن دار ضيافة خاصة بهن ، ويقدم إليهن الطعام والشراب من قبل الملك ويكرمهن تكريما عظيما ، وولايتهم واسعة الأرجاء ، وهى ستمائة وأربعون مدينة وألف وخمسمائة قلعة وأربعون ألف وسبعون جبل كبير وثلاثمائة صحراء وأربعون بحيرة عذبة وخمسون بحيرة أخرى مالحة ، وفى أرضهم معادن كثيرة وفى صحاريهم ذهب تحت الأرض ، ولديهم طعام يشبه الثعابين وهو سم زعاف ، وعند ما يجمعون الذهب تقفز جميع الثعابين والحيات ، وتبدو الفضة ومعدن النحاس والحديد والرصاص والنفط والقطران وغبار الزجاج والكبريت ، ولا وجود لمثل هذه فى بلاد أخرى ، كما توجد كنوز لكثير من هذه المعادن وكلها يحصل عليها مجانا ، ولكن لوجودها عند طائفة من الأغبياء ، فلا يقتدر على استخراجها ، والكلام على هؤلاء القوم يطول ويطول ، ولهم كثير من الأحوال تشبه أحوال الخيول ، ولا يمكن ذكرها وبعد ذلك بلغنا السودان.
* * *