والزنوج من الحبشة والمندبية حينما يقدمون للإغارة على تلك المدينة تقصف المدافع معلنة بمقدمهم ، وفى القلعة ثمانية وسبعون ألفا من الزنوج يبقون فى القلعة ليكونوا مددا للجيش ، والمندبية تنخلع قلوبهم رعبا من ذلك ، إنهم ليسوا مسلمين ينكرون الحشر والنشر ، وخارج القلعة سبعة جوامع من الحجر ، وأربعون مسجدا وثلاثمائة دكان ، وهى من الدكاكين الصغيرة ، والمقاهى وحانات للبوزه لا تحصى كثرة ، وهى معمورة مثل أبنية الروم والعرب والعجم وحلب ، وليس فيها خان ولا حمّام ولا سوق للبن ولا مبرة ولا سبيل ولا مكتب للصبيان ولا مدارس. ففى هذه المدينة لا يوجد فيها بقلة فى حجم الحجارة وترابها لطيف إلى حد أنه صنع كاسات للعين خزفية منه ، كما أن تربتها خصبة حيث الكيلة من الذرة تنتج خمسمائة كيلة ، كما أن محصول القمح موفور ، ولاعتدال جوها زرعت حدائق فيها هنا وهناك ، وفيها الليمون والنارنج ولا وجود فيها للحدائق ولكن بساتينها كثيرة للغاية وجمال نسائها وفتياتها فى سواد بشرتهم ، ولكنهم ليسوا غلاظ الشفاه ولا عابسى الوجوه كالزنوج ، وفيهم عذارى لهن من الجمال والدلال ما يتيم القلوب ، سبحان الخلاق الباقى ، فلهن عيون الغزلان الكحيلة والكلام الرقيق والقوام الممشوق من رآهن أخذ منه العجب مأخذه. وأهلها يتزوجون على المذهب المالكى وهذا جائز ، أما نكاح المتعة فممنوع إلا أن علماءهم يبيحون ذلك فهم فى كل أسبوع يتزوجون زواج المتعة ، ويدفعون المهر ذراعا من البز ، وفتياتهم يسرن عراة وإذا أعطوا مرتبا قاموا بالخدمة ثلاثة أو أربعة أيام ، وبعضهم يخدمون دفعا للجوع ومعيشتهم ضنك ولكن إذا أخذهم الغضب أصبحوا شرارة من نار وفيهم عناد ، وليسوا بلا أصل فهؤلاء قوم بنقلا ودنقله ، وأولئك أفنو وبورنو ، وقرمانقه وبغه نسكى وهكذا. إنهم ليسو غلاظ الشفاه ، وليست لهم أرجل الفيلة وجسم الغول ، ولا عمالقة إن كلامهم رقيق ووجوههم جميلة وسمر البشرة وأفواههم صغيرة وأنفهم كالثمرة وأسنانهم منضّدة بيضاء بين شفتين حمراوين ولهم نساء لهن عيون الغزلان وهذا من جمالهن يوقع الرجال فى غرامهن ويزدانون بالخرز ، والخرز عندهم جميل كما أنهم يلبسون الإزار المصرى والإسكندرى ، ويلبسون ذلك من شدة البرد فى الشتاء ، ولكنهم