وجملة القول أن جميع الأوضاع الخاصة بالبربر قد ذكرتها ، ولما أتممت الفصل الخاص بهم ظهر لى رجل فيل الجسم وهو حافى القدم ولكنه يستر عورته بكسره وهو فى ثوب بهلوان وعلامة بهلوان وبينما كان يسير فى ميدان المعركة وطأت قدمه نملة فمضى إلى الملك وقال : يا حى ووثب عاليا وارتفع مقدار خمس خطوات فى الهواء وقال : إن هذه آداب البهلوان ، وقبل الأرض بين يدى الملك ، ودعا للملك ولى وتراجع موليا لنا وجهه. وقال : يا سلطان السودان عدت من ديار الهند ومضيت إلى ديار البرتغال ولله أشكر أنى شاهدت جمالك ولكنى غريب عن بلادى وعارى الجسد والآن وقت السحر وأشعر بالبرد فقلت للملك مرهم بإيقاد نار لنستدفئ ، فأشعلوا النار فى كومة من حطب السنط والصباح حمل عشرة أفيال ، وكانت مثل نار النمرود ، فاندلعت ألسنة النار عاليا ، وتتطاير شرارها إلى جانب هذا الرجل فاستدفأ فوثب فى التو وقدم إلى الملك وقال له : يا سلطان الإحسان لقد وجدت الدفء من النار بحمد الله ، ولكنى جوعان فأحضروا جملا بدينا وأمر بذبحه وشى لحمه على النار وقال لآكل من هذا اللحم ، ودعا للملك وبعد ذلك أحضروا جملا جسيما آخر ، وكأنما هو دابة الأرض وذبح الجمل وشرب البهلوان كل دم الجمل ، ثم سلخ جلده ، وقطع جسمه قطعة قطعة وقدموا لحم الجمل للملك فقال : الإذن يا سلطان ، لقد قطع قطعة من اللحم ووضعها فى النار وشواها ولكن لم يبق شىء من لحم الجمل وحطم بالفأس عظامه وتناولها ، وأخذ بعض أتباع الملك رأسه وقدموها له فأكلها وبقى ذلك أسطورة عند الناس وقال : إن هذا تسبب فى نجاسة تمنعه من أن يصلى إماما ثم وقف الرجل ومشى ، ولما سمع الغناء قدم إلى الملك وقال : يا سلطان إن بطنى لم يشبع فأنا أملك اللحم النيئ وأنت تملك النار فأرجو أن تمنحنى إياها ولما قال ذلك ابتسم الملك ثم مضى وخلع سترته بجانب النار وجلس وسط النار وهو يقول بسم الله ، أما أنا فتأملت النار وألسنتها تلتفح وكانت النار مثل عقيق اليمن ، ولكنى ذهلت وجعلت أتأمل ، وقال : النار فاكهة الشتاء ثم حك بيده جسمه وظهر منه دخان ثم خرج من النار وقبّل الأرض بين يدى الملك ،