يدهم فى هذا الدم ثم يمسحون بأيديهم الصخر فسألتهم لماذا يفعلون ذلك ، فقالوا : إن هذا أصبح لنا طلسما وهم يتعرفون من ذلك ما قدر لهم فى الغيب وما لم يقدر ، وغمسنا يدنا كذلك فى هذه الدماء ومسحنا الصخر لنرى العجائب ، ولكن احذروا من أن يستولى عليكم الخوف ولو قليلا هذا ما أوصانا به الملك ، وقد أعملنا الفؤوس فى هذا الجدار الذى سد الباب فانفتح الباب ، فكبّر كل من قاضى سنار والملك والإمام وواعظ دونقده ، ودخلوا وبعدهم الوزراء وفعل السلطان ذلك ودخل فرأوا أن المغارة فيها حجر بها دولاب وضع فيها الديك وغاب عن نظر الحاضرين فحمدوا وهللوا وكبروا ، وفى جوانب المغارة الأربعة جلس الناس على كراسى وجلسوا على المصطبة مائة إنسان وقد خيم الصمت عليهم جميعا وزلزل ركن من أركان المغارة فسمعنا صوتا يغنى بصوت حزين بمصاحبة المزمار والعود والقانون والسنطور والطنبور والرباب وكانت هذه النغمة هى نغمة الرست من فصل الحسينى فأخذت منى الدهشة كل مأخذ ثم سمعنا غناء ولكننا لم نفهم ألفاظه لأنها منقطعة النظير ولكن هذه الأنغام كانت على أصولها فسمعنا أصوات طبول وقدوم ومزامير وكانت هذه الأنغام من مقام الحسينى ، وقد ترددت أصداء هذه الأنغام فى الكهف كأنها هزيم الرعد فكان الصمم لآذاننا وخرج شيخ من الغار واتجه نحو الفرقة الموسيقية وأشار إلينا بالوقوف ثم ركب جمله فارتفع صوت من الصخر قائلا السلام عليك يا سلطان الجان فرد صوت امرأة من الصخر قائلا : وعليكم السلام يا أولاد حام وقال قاضى سنار : السلام عليكم يا سلطان الجان ، وقال الصوت : وعليكم السلام يا قاضى سنار بن طاهر بن يعقوب ، وقال للملك : اذكر ما تريد ، وجاء وزراء وعلماء وألقوا السلام ورد كل منهم السلام باسمه ، ثم مضى الملك إلى الصخرة فقال : السلام عليكم يا سلطان الجان ، وفيما هو يرد التحية قيل له : وعليكم السلام يا ظالم خاقان بن سارند خاقان بن إدريس خاقان بن لاوند خاقان ، أقم العدل فى الناس فإن نجوما أخرى هوت ، يأتى إلى بلادك من بلاد الزنج ومن عصاة بغاة من الجند فلا تغفل