الناس جميعا ، ومكثوا فى الصحراء ثلاث ليال وثلاثة أيام ، وفى كل يوم يأتى الناس أفواجا أفواجا ويسلمون وهم يسألون عما يتطلعون إلى معرفته إلا أن المغيبات الخمسة لم تعرف ، وفى اليوم الثالث قدم إلى السلطان وكبار الأعيان فقدموا القرابين وسدوا باب الكهف ورفعوا الدعوات وقدموا الشكر والثناء ، وفى شهر يونيه فى كل عام يجتمع فى هذا الموضع أهل فونجستان وأهل بربرستان وغيرهم ويشكلون جمعا غفيرا منهم فى ثلاثة أيام وثلاث ليال ويسألون عما يريدون إن هذا الغار غار عظيم منحوت فى الصخر وهو مطلى ولكن الموضع الذى يخرج منه الصوت مفتوح وبقية الصخر مصمت وليس فيه موضع يدخل منه إنسان ويسمع أصوات أنغام وصوت قرع طبول ونفخ المزامير مما يحار العقل فيه ، وقد سألت السلطان وبعض ندمائه من الشيوخ فجاءوا بأخبار شتى عن هذا الكهف والذى يسمى خروس بو غازلين ولكن حكى خدام هذا الكهف أن هذا الجبل هو جبل إدريس عليهالسلام ، وكان إدريس النبى يلقى دروسه على الملائكة فى الكهف لذلك سمى إدريس ، وكان الملائكة الكروبيون يأنسونه على الدوام فى الكهف ، وانتوى إدريس النبى أن يعرج فى السماء وذلك من الآية : (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا* وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا) [مريم : ٥٦ ، ٥٧] وقد دعا الله له الكروبيون وهذه الآية دليل على أن عروج إدريس النبى كان فى أسوان ، ومنذ هذا الزمان تصدح الألحان فى هذا الكهف ، وهذه الألحان تسمع ليل نهار وسواء قدم أحد أو لم يقدم فهذه الألحان تسمع ، وقد رأينا آباءا وأجدادا على هذا القول ، وكانوا جميعا يقدمون القرابين وهذا على حد ما قال خدام السلطان ، وقد شاهدت هذا الكهف دون أن أتكلم ببنت شفة وتناولت الطعام وتعجب الحاضرون لذلك منى وضحكوا ثم غادرنا هذا المكان ثم انطلقنا على ضفة النيل جنوبا ستة أيام وست ليال ، وكنا نمضى كذلك فى ضوء القمر ونصيد فى الصباح وبلغنا وادى شلجلاه.