وقد صنع هذا التمثال أحد عباقرة السلف ، وقد صنع بضربات فأسه هذا الرأس وكأن له روحا وكان هذا الرأس يبتسم ، وأظهر الصانع ذوائب هذا الرأس وكأنه عمل السحر المعجز واستعرض مهارته وبراعته فى ذلك.
وفى الزمان الخالى كان هذا الرأس يتجاذب أطراف الحديث مع الغادى والرائح ، فقد كان طلسما. فكان يستنبط الأسرار والغيبيات فيتنبأ بمن سوف يعتلى عرش مصر ووقوع القحط والغلاء وتفشى الطاعون وسقوط المطر واحتباسه ومقدار فيضان النيل وعدم فيضانه وما يحدث وما لا يحدث وكل الغيبيات الخمس.
وعندما ترامت إلى سيدنا موسى الأخبار عن مكاشفة أبى الهول للأسرار الغيبية جاء إليه ـ عليهالسلام ـ وبعد حوار طويل قال سيدنا موسى عليهالسلام لأبى الهول :
إنك قادر على نطق كل الكلام ، فأمن بحق رسول الله ، فقال أبو الهول :
إننى لا أومن إلا بإدريس ـ عليهالسلام ـ وعندئذ دخل موسى غضب لا مزيد عليه فانهال عليه ضربا بعصا فى يده محطما أنفه وفاه ، وقال له : اسكت يا ملعون. ومضى وإلى الآن منذ عهد سيدنا موسى لم يتكلم أبو الهول ، كما أن أنفه وفمه محطمان من ضربات عصاه.
إنه أثر عجيب من صنع الإنسان ، وفى رواية أخرى أنه من صنع السحرة.
لكن الناس يقولون : إن امرأة سرق منها مال كثير ، فسألت هذه المرأة أبا الهول قائلة : من سرق مالى؟ فقال : إن فلانا هو الذى سرقه ، فانطلقت المرأة فى الحال إلى القاضى وكبس بيت الرجل ؛ فوجدوا أموالها غير منقوصة ، فمضى الرجل السارق إلى أبى الهول وصعد رأسه وتغوط عليها ، فبطل أثر الطلسم منذ ذلك الحين وسكت عن الكلام.
إلا أن رواية موسى ـ عليهالسلام ـ صحيحة ، إذ كان من أولى العزم وبمعجزة ضرباته أصابه البكم والصمم. وأبو الهول الآن رأس يأتى الناس لمشاهدتها.
وعلى مقربة من رأس أبى الهول موضع آخر يستحق المشاهدة. إنه باب دير قد سد بالرمال والغثاء ، ولكن فى العقد الذى يعلو يمنة بابه العديد من النقوش المحفورة على