وعند ما تحل لحظة ولادة النبى وتذكر مولد خير الأنام ينهض المتصوفة جميعا إعظاما وإجلالا وينشدون هذه الأبيات فى صوت حزين :
ألم يكشف جمالك الدّجى يا رسول الله |
|
ألم يبلغ كلام حبيبك ذروة العلى |
ثم يبدأ خدام المتصوفة الكلشنيين فى توزيع أنواع الحلوى على الحضور من الأعيان والأشراف ، وبعضهم يوزع لفائف النّقل والأشربة المعطرة ، وفى أثر ذلك توزع فناجين القهوة والشاى واللبن والفالوذج والسحلب هنا وهناك.
وبعد ذلك ينثر الصوفية ماء الورد وما أشبه على الحضور ، ويحرقون العنبر والعود فى المباخر فينتشى الصوفية من شذاها.
وبذلك نكون قد انتهينا من ذكر مولد آخر ، ويذهب من يذهب ويبقى من يبقى ، ويبدأ الصوفية فى تلاوة التوحيد ثانية وبعد الفراغ من تلاوته يتلون العشر الشريف : «بسم الله الرحمن الرحيم» (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً) [الزمر : ٧٣].
وبعد الدعاء يتوجه بعض الصوفية لزيارة سيدى الشيخ العزيز فى داره ثم يذهبون إلى منازلهم.
وجملة القول أنها تكية طريقة طاهرة يعجز اللسان عن امتداحها والسلام.
وفى ليالى هذا الشهر يزين فاعلوا الخير المنارات بالعمائم والمناديل والأقمشة لقراءة المولد ، ويعلم من ذلك أن ثمة مولد سوف يتلى تلك الليلة فى ذلك الجامع فيحتشد الناس جميعا فيه. وفى تلك الليلة توصل الحبال من دار إلى دار فى الحارة وتعلق فيها القناديل ، كما تزين المقاهى والحوانيت بالقناديل كذلك. وهذا ما لا وجود له إلا فى القاهرة.
__________________
(١) منظومة تركية هى الأشهر عند الترك فى مدح الرسول محمد صلىاللهعليهوسلم ، تعرف ب «وسيلة النجاة» وقد نقلها نظما وشرحها وعلق عليها الأستاذ الدكتور حسين مجيب المصرى ، ونشرت بالقاهرة ١٩٨١.